التعايش مع غير المسلمين وضوابطه العشرة

الثلاثاء 17 أيلول , 2019 01:32 توقيت بيروت الوحدة والتقريب

الثبات - إسلاميات

 

التعايش مع غير المسلمين وضوابطه العشرة 

 

الأصل في خلق الناس وتشعبهم وتكاثرهم هو التعارف فالله سبحانه وتعالى خاطب بني الإنسان بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

وفي تذكيرهم بوحدة أصلهم تهيئة نفسية وتيسير لسبيل التقارب، وانتزاع الشعور بالعداء، أو بالتميز الذاتي، والأساس الضروري للتعايش هو التحلي بالصبر قال جل جلاله: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}.

وهذه عشرة ضوابط في الشريعة المطهرة يمكن من خلالها اتضاح مفهوم التعايش:

الأول: عدم الإكراه على الدين

قال الله سبحانه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

والدعوة إلى الدين وبيان محاسنه ليس إكراهاً عليه، فالإكراه ممنوع منهي عنه، والثاني - الدعوة - مفروض ومن أعظم مهمات المسلمين.

الثاني: حفظ حرمة الدماء والأموال والأعراض

روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإنَّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً".

الثالث: إقامة العدل والقسط في الحكم بين جميع الطوائف

قال ربنا تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيراً}.

الرابع: التفريق بين المودة والولاء، وبين البر والقسط والإحسان

 فالبر والإحسان بالمعاملة مشروعة قال سبحانه وتعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.

الخامس: احترام العهود والمواثيق والبعد عن الغدر والخيانة

قال تبارك وتعالى: {إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}.

وفي ظل التزام كلِّ العهود والمواثيق يستقر الوضع، وتنشأ الثقة.

السادس: التفريق بين من يمكن التعامل معه وبين من يتفاحش عدوانه وإصراره ولا يؤمن شره

وقد استأجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة مشركاً يدلهم على الطريق يؤمن جانبه.

السابع: التفريق بين أخذ العلوم الدنيوية بأنواعها، وبين ما له تعلق بالإيمان والدين

فالأول يؤخذ من كل متقنٍ له مطلع فيه، فيمكن تبادل المعلومات فيه بين مختلف الطوائف والأمم والحضارات.

أما ما يتعلق بالدين فيؤخذ من أهله أهل الشريعة المحمدية فلا نأخذ الدين منهم.

الثامن: حفظ المعروف لأهله ومكافأتهم والوفاء لهم

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أسرى بدر: "لو كان المطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء لتركتهم له"، وذلك أنه كان من أشد من قام في نقض الصحيفة التي حاصرت المسلمين في شعب أبي طالب.

التاسع: ترك الجدال العقيم والحوار بالتي هي أحسن

قال ربنا تبارك وتعالى:

{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.

{ادع الى سبيل ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.

العاشر: فتح المجال للباحثين عن الحقيقة وتيسير السبيل لهم

قال ربنا تبارك وتعالى:{وإن أحد من المشركين استجارك إِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ}.

 

اختصار من بحث لفضيلة الشيخ الدكتور محمد ياسر القضماني

عالم دمشقي - خطيب وإمام في مديرية أوقاف دمشق

المصدر: نسيم الشام

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل