من نفحات العارفين .. شرح قصيدة "رائية السلوك" لأبي مدين الغوث

الثلاثاء 01 تشرين الأول , 2019 02:25 توقيت بيروت تصوّف

الثبات ـ تصوف

صحبة الصالحين هي عونك في الوصول إلى حضرة رب العالمين، فَمًنْ جَالَسَ جانَسْ، ومن صحب الصالحين انتفع بهم، وقُل لي مَنْ تُصَاحِب, أقُلْ لَكَ مَنْ أنت .

 إن الله اذا أراد بعبد خيراً دلَّه على أوليائِه والصالحين من عباده، بدليلِ قول الإمام ابن عطاء الله في حكمه: (سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلى من حيث الدليل عليه، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه)،  وكما أنه لملوك الدنيا بروتوكولات وآداب فمن باب أولى لأهل الله وملوك الآخرة أن يكون لهم بروتوكولات وآداب، وكان الإمام محمد بن أحمد البوزيدي يقول: (اعلم أنه بالأدب تطوى المسافة وبه يذهب عن المريد ما بالطريق من مخافة) ولعل قصيدة (رائية السلوك) تعتبر من أعظم ما ألفه المؤلفون وخَطَّهُ العارفون عن الأدبِ في الطريق، والتي نظمها إمامٌ  يحيي من القلوب الأموات وولي غارف يسقي الأرواح حتى يتم النبات، سيدي أبو مدين الغوث انظر ترجتمته في شبكة الثبات .

قال الشيخ ابن عطاءالله السكندري رضي الله عنه في شرح قصيدة سيدي أبي مدين الغوث: بسم الله الرحمن الرحيم جعلني الله وإياك يا أخي أهل حُــبِّه، وأتحفك بوجود قربه، وأذاقك من شراب أهل وُدِّهِ، أما بعد، فقد قال رسول الله ( يُحشَر المَرءُ عَِلى دِينِ خَلِيلِهِ فليَنظُر أحُدُكم مَن يُخَالِل ) فإذا علمت أيها الأخ الشقيق، فلا تخالل إلا من ينهضك حالهُ، ويَدُلك على الله مقالهُ، وذلك هو الفقير المتجرِّد عن السِّوى، المقبل على المولى، فليست اللذة إلا مخاللته، ولا السعادة إلا خدمته ومصاحبته، فلذلك قال الشيخ العارف المتمكن أبو مدين رضي الله تعالى عنه:
مـا لـذة الـعيش إلا صحبة الفقرا ** هم السلاطين و السادات والأمرا
أي ما لذة عَيشِ السالك في طريق مولاه إلا صحبة الفقراء، والفقراء جمع فقير، والفقير هو المتجرد عن العلائق، المعرض عن العوائق، لم يبق له قبلة ولا مقصد إلا الله تعالى، وقد أعرض عن كل شيء سواه، وتحقق بحقيقة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله) فمثل هذا مصاحبته تذيقك لذة الطريق، ويرفع عن قلبك التعويق، وينهضك بهمَّـتِهِ ويرفعك إلى أعلى الدرجات، ومن كان كذلك فهو السلطان على الحقيقة، والسيد على أهل الطريقة، والأمير على أهل البصيرة، فلا تخالف أيها السالك طريقه،واجتهد على تحصيله كما قال رضي الله تعالى عنه :
فاصحبهموا وتأدب في مجالسهم ** وخــل حـظـك مـهما قـدموك ورا
أي اصحب الفقراء، وتأدب معهم في مجالستهم فإن الصحبة شَبَح والأدب روحها، فإذا اجتمع لك بين الشبح والروح حُزتَ فائدة صحبته، وإلا كانت صحبتك ميتة فأي فائدة ترجوها من الميت، ومن أهم آداب الصحبة أن تخلف حظوظك وراءك ولا تكن همتك مصروفة إلا لإمتثال أوامرهم فعند ذلك يشكر مسعاك، فإذا تخلقت بذلك فبادر واستغنم الحضور وأخلص في ذلك ترفع درجتك وتعلو همتك والقصور، كما قال رضي الله عنه :
واستغنم الوقت واحضر دائما معهم ** واعلم بأن الرضا يختص من حضرا
أي واسـتغنم وقت صحبة الفقراء واحضر دائما معهم بقلبك وقالبك تسري إليك زوائدهم، وتغمرك فوائدهم، وينصح ظاهرك بالتأدب بآدابهم، ويشرق باطنك بالتحلي بأنوارهم، فإنهم القوم لا يشقى جليسهم، فكيف يشقى خادمهم ومحبهم واعلم أن هـذا الرضا وهذا المقام يخص من حضر معهم بالتأدب، وخرج عن نفسه، وتحلى بالذلة والإنكسار، فاخرج عنك إذا حضرت بين أيديهم، وانطرح وانكسِر إذا حللت بناديهم فعند ذلك تذوق لذة الحضور، واستعن على ذلك بملازمة الصَّمت، تشرق لك أنوار الفرح، ويغمرك السرور كما قال رضي الله عنه :
ولازم الـصـمت إلا إن سـئلت فـقل ** لا علم عندي وكن بالجهل مستترا 
الصَّـمت عند أهل الطريقة من لازمه ارتفع بنيانه، وتمَّ غِراسه، وهو نوعان : صمت باللسان وصمت بالجَنان وكلاهما لا بدَّ منه في الطريق فمن صمت قلبه ونطق لسانه نطق بالحكمة، ومن صمت لسانه وصمت قلبه تجلـى له سره، وكلمه ربه، وهذا غاية الصمت وكلام الشيخ قابل لذلك فالزم الصمت أيها السالك إلا إن سُـئـِلت فإن سُـئـِلتَ فارجع إلى أصلِك ووصلك وقل لا علم عندي واسـتتر بالجهل تشرق لك أنوار العلم اللدني، فإنك مهما اعترفت بجهلك ورجعت إلى أصلِك لاحت لك معرفة نفسك، فإذا عرفتها عرفت ربك، كما روي { مَن عَرفَ نفسَهُ عَرفَ رَبَّهُ } .
 ولا تَرَ العيب إلا فيك معتقداً ** عـيباً بـدا بـيِّناً لـكنه استترا
أي تحقق بأوصافك من فقـرك وضعفك وعـجزك وذلتك، فإذا تحققت بأوصافك وشَهِدتْ لنفسك عيوباً لكنها مستترة، فعند ذلك تحظى بظهـور أوصاف مولاك فيك، كما قيل (سُبحانَ مَن سَترَ سِرَّ العُبُودية)، وافهم من هنا سر معنى قوله تعالى { سُبْحَانَ الذِي أسْرَى بِعَبدِهِ } ولم يَقل برسوله ولا بنبيِّـهِ، أشار إلى ذلك المعنى الرفيع الذي لا ينال إلا من العبودية، فانكسِـر أيها الأخ وانطرح بالطريق ولا تــَرَ لك حالا، ولا مقالا يزل عنك كل تعويق، واستغفر من كل ما يخطر بقلبك في عبوديتك وقـُمْ على قدمِ الاعتراف وأنـصِفْ من نفسـك تبلغ أعـلى درجات المنازل وتغـنى بشـريتك كما قال رضي الله عنه :
وحـط رأسك واستغفر بلا سبب ** وقف على قدم الإنصاف معتذرا
أي تواضع وانكسر، وحُطَّ أشرف ما عندك، وهو رأسك في أخفض ما يكـون وهي الأرض لتحـوز مقام القرب، كما ورد في الحديث{ أقرَبُ ما يَكـُونُ العَبدُ إلى اللهِ تعَالى وَهو سَاجـِد }، لأن قـُرب العبد، بتواضعه وانكساره وخروجه عن أوصاف بشريته، وأشهد نفسك دائماً مُذنباً، ولو لم يظهر عليك سبب الذنب، فإن العبد لا يخلو من تقصير، وقـِف على قدَمِ الإنصاف من ذنوبك خجـلا من سيئاتك وعيوبك، فإن من عامل المخلوق هذه المعاملة أحـبَّهُ ولم يشهد له ذنباً وكانت مساويه عنده محاسن .
وإن بــدا مـنك عـيب فـاعتذر وأقـم ** وجه اعتذارك عما فيك منك جرى
وقـل عـبيدكموا أولى بصفحكموا ** فـسامحوا وخـذوا بـالرفق يا فقرا
هـم بـالتفضل أولى وهو شيمتهم ** فـلا تـخف دركـا مـنهم ولا ضررا 

أي لِيكن شأنك دائماً التواضع والإنكسار وطلب المعـذرة والإستغفار، سواء وقع منك ذنب أو لم يقع، وإن بدا منك عيبٌ أو ذنب فاعترف واستغفر، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وليس الشأن أن لا تذنب، إنما الشأن أن لا تصِرَّ على الذنب كما ورد { أنِينُ المُذنِبينَ عِندَ الله خَيرٌ مِن زَجلُ المُسَبحِين عَجَباً وافتخَارا },ولذلك قلت في الحكم (رُبَّ معصِيةٍ أورثتْ ذلا وانكِسَاراً خير من طاعةِ أورثت عِـزا واستكبَاراً)،  ثم قال رضي الله تعالى عنه ـ إنهم أولى بهذا الشيء، وهو شِيمتهم ولم يزالوا متفضلين، وهذه معاملتهم مع أصحابهم ـ وهي سجيتهم وكيف لا تكون سجيتهم وهم متخلقون بأخلاق مولاهم، كما ورد {تخَـلقوا بأخْـلاقِ الله}، فلا تخف منهم ضـررا أيها السالك المصاحب لهم  وتمسَّك بأذيَالهم {فإنَّهُمُ القومُ لا يَشقَى جَلِيسَهُم}، فإذا عرفت ذلك أيها السالك فتخلـق بأخلاقهم الكريمة، وجُد بالتغـني عن الأخوان، وغض الطرف عن عثرتهم تكن آخذ من أوصافهم أحسن هيئة . قال رضي الله عنه :
وبـالـتغني عـلـى الإخـوان جـد أبـداً ** ** حساً ومعنى وغض الطرف إن عثرا
أي: وتكـرَّم على إخوانك، وجُد عليهم أبدا، أما في الحِسِّ فببَذل الأمـوال، وأما في المَعنى فبصرف همَّـة الأحوال، ولا تبخل عليهم بشيء يمكنك إيصاله إليهم، فإن السماحة لبُّ الطريق، ومن تخلق بها فقد زال عن قلبه كل تعويق، وغُضَّ الطرف عن مساوئ الإخوان إن وقفت منهم على عثرة ولا تشهد إلا محاسنهم، كما قال رضي الله عنه في حكمـه الفتوحية (رؤية محاسن العبيد والغيبة عن مساويهم ذلك شيء من كمال التوحيد)، فإذا تخلـقت ـ أيها الأخ ـ بهـذه الخصال الشريفة، فقد تأهـلتَ للإقبال على الشيخ فانهض إلى عتبة بابه، وراقبه بهمَّـة منيفة، كما أشار إلى ذلك الشيخ رضي الله عنه بقوله :
وراقب الشيخ في أحواله فعسى ** يـرى عـليك مـن استحسانه أثرا
أي: إذا تخـلقـتَ بما تقـدم من الآداب، ووصلت بافتقارك وانكسارك إلى الشيخ، وتمسـَّكت بأثر تلك الأعتاب فراقب أحواله، واجتهد في حصول مراضيه، وانكسِر واخضع له في كل حين، فإنه الترياق والشفاء، وإن قلوب المشايخ ترياق الطريق، ومن سَعِد بذلك تمَّ له المطلوب وتخلص من كل تعويق، واجتهد ـ أيها الأخ ـ في مشاهدة هذا المعنى فعسى يرى عليك من استحسانه لحالك أثراً، قال بعضهم : من أشد الحرمان أن تجتمـع مع أولياء الله تعالى ولا تُرزق القبول منهم، وما ذلك إلا لسوء الأدب منك، وإلا فـلا بُخـل من جانبهم ولا نقص من جهتهم . كما قلتُ في الحكم : (ما الشأن وجود الطلب، إنما الشأن أن تورث حُسن الأدب ) .

وقَــدِّمِ الـجِدِّ وانـهض عـند خـدمته ** عساه يرضى وحاذر أن تكن ضجرا
فـفي رضـاه رضـا الـباري وطـاعته ** يـرضى عـليك فـكن مـن تركه حذرا

أي انهض في خـدمة الشيخ بالجد فعساك تحوز رضاه فتسُود مع من ساد، واحذر أن تضجر، ففي الضَّجر الفساد . ولازم أعتاب بابه في الصباح والمساء لتحـوز منه الوداد، فإن ظفرت ـ أيها السالك ـ برضاه رضي الله تعالى عنك ونلت فوق ما تمنيت، فاستقم في رضاء شيخك وطاعته تظفر بطاعة مولاك ورضاه، وتفوز بجزيل كرامته، وعُضَّ بالنواجذ على خِـدمة الشيخ إن ظفرت بالوصـول إليه، واعلم أن السعادة قد شملتك من جميع جهاتك، إذا عرفك الله تعالى به، وأطلعك تعالى عليه فإن الظفر به، لكن إذا ساعدتك العناية ظفرتَ وشمَمْتَ من نفحة طيبة ما يفوق المِسك الأذفر، ولذلك قال رضي الله تعالى عنه وعنا به، آمين :
واعـلم بـأن طـريق الـقوم دارسـة ** وحال من يدعيها اليوم كيف ترى
مـتـى أراهــم وأنـى لـي بـرؤيتهم ** أو تسمع الأذن مني عنهموا خبرا
مـن لـي وأنـى لمثلي أن يزاحمهم **عـلـى مــوارد لـم آلـف بـها كـدرا
أحــبـهـم وأداريــهــم وأوثــرهــم ** بـمـهجتي وخـصوصا مـنهم نـفرا

شرع الشيخ رضي الله تعالى عنه يشوق السالك إلى طريق أهله ، ويخبرهم أن طريقهم دارسة ، وحال من يدعيها اليوم كما ترى في الفترة حتى كادت الهمم تكون من الطلب آيسة ، وهكذا شأن طريق القوم لعزتها ، كأنها في عصر مفقودة ، ولا يظفر بها إلا الفرد بعد الفرد ، وهذه سنة معهودة ، وذلك أن الجوهر النفيس لا يزال عزيز الوجود ، يكاد لعزته يُحكَم بأنه ليس موجود ، والطريق أهلها مخفية في العالم خفاء ليلة القدر في شهر رمضان ، وخفاء ساعة الجمعة في يومها حتى يجتهـد الطالب في طلبه بقدر الإمكان ، فإن من جـَـدَّ وَجَـدَ ، ومن قرع الباب ولـَـجَّ وَلـَجَ .


قلتُ : بعد أن ذكر لا بد من الشيخ في الطريق على سبيل السؤال والجواب، كيف تأمرنا بذلك وقد قيل إن وجود الشيخ كالكبريت الأحمر وكالعنقاء، من ذا الذي بوجودها يظفر، كيف تأمرني بتحصيلِ مَن هذا شأنُهُ، فقال: لو صدقتَ في الطلب وكنتَ في طلبه كالطفل والظمآن لا يقرُّ لهم قرار ولا تسكن لوعتهم حتى يظفروا بمقصودهم ، فأشار الشيخ رضي الله عنه إلى أن الشيخ موجود، وكيف لا يكون موجودا وعمارة العالم بأمثاله ، فإن العالَمَ شخصٌ والأولياء روحه، فما دام العالَم مـوجوداً لا بدَّ من وجودهم ، لكن لشدَّة خفائهم وعدم ظهورهم حـُـكِم بفقدانهم، فاجتهـد واصدق في الطلب تجـدِ المطلوب، واستعِن على ذلك الطلب بمَدَدِ علام الغيوب، فإن الظفر لا يحصـل إلا بمجـَّرد فضله. وإذا أوصلك إلى الشيخ فقد أوصلك إليه كما قلت في الحكم (سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ) .
قوم كرام الســجايا حيــث ما جلسـوا ** يبـقى المكـــان على آثارهم عـطرا
يهـدي التصوف من أخلاقهم طرفـــا ** حسـن التألف منهم راقني نظـــــرا
هم أهل ودي وأحبابي الذين همــــوا ** ممـــن يجـر ذيول العـز مفتخــــرا
لا زال شمـلي بهم في الله مجــتمـعـا ** وذنبنــا فيــه مغــفورا ومغــــــتفرا
ثم الصلاة عــلى المخـــتار سيدنـــــا ** محمــد خيـــر من أوفى ومن نذرا

أي قوم سجاياهم كريمة وهمتهم عظيمة ، حيثما جلسوا تبقى آثار نفحات عطرهم في المكان ظاهرة ، وأينما توجهـوا سطع شمس معارفهم فتشرق القلوب ، وتصلح بهم الدنيا والآخـرة ، يهدي التصوف للسالك المشتاق من أخلاقهم طرقا مجيدة تدل على الطريق ويسـير في سلوكه سيرة حميدة ، فلذلك جمعوا أحسن تأليف ، حتى راق كل ناظر وجَـدُّوا في أكمل معنى لطيف ، حتى اكتحلت بكحل إثمـدهم أنوار البصائر، وكذلك قال الشيخ رضي الله عنه بعد ذلك (هم أهل ودي وأحبابي .. ) فإن الشخص لا يحب إلا من جانسه ولا يَوَد إلا من كان بينه وبينه مؤانسة، وفي هذا الكلام إشارة إلى أنه رضِي الله عنه من جملتهم وطينته من طينتهم ، وما تقدم منه في التواضع والإنكسار دليل على التحقيق في هذا المجد والفخار كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، ثم دعا وسأل أنه لا يزال شمله بهم في الله تعالى، وذنبه مغفورا،  ونحن نسأله أيضا إتمام الصلاة والسلام على سيدنا محمد المختار خير من أوفى ومن نذر، ومن أكرم الجار وعلى آله وصحبه السادة الأبرار والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .

انتهى كلام وشرح الشيخ ابن عطاء الله السكندري على رائية السلوك، وللرائية أيضا شروح وكتب مطولة إن شئت المزيد والفائدة .

المصادر
كتاب الآداب المرضية لسالك طريق الصوفية للعارف بالله محمد بن أحمد البوزيدي .
كتاب شرح قصيدة أبي مدين الغوث د. محمد منصور 
الحكم العطائية للعارف بالله ابن عطاء الله السكندري

 

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل