تربية الأبناء ... "المراهقة مغنم أم مغرم"؟

الإثنين 02 كانون الأول , 2019 10:09 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - إسلاميات

 

"المراهقة مغنم أم مغرم"؟

 

حديثنا اليوم عن مرحلة مهمة جداً في حياة الإنسان هذه المرحلة العمرية المهمة - مرحلة البلوغ وبدء مرحلة المراهقة وسن التكليف الشرعي، فهل المراهقة مغنم أم مغرم، وهل البلوغ طيش أم ثروة؟

هناك من التربويين من يجعل البلوغ والمراهقة مترادفين، وهناك من يجعل المراهقة أعم، فالبلوغ يشير إلى التغيرات الجسدية وهو بدء المراهقة، والمراهقة تشير إلى التغيرات النفسية وغيرها. وتمتد المراهقة في علم النفس المعاصر من الثانية عشرة إلى التاسعة عشرة أو الحادية والعشرين. ومهما يكن من أمر فإنَّ كثيراً من الآباء والأمهات ينظر إلى هذه المرحلة العمرية وما بعدها على أنها مشكلة، فهل حقاً ما يقال عن المراهقة أنها صبوة، وهل حقاً ما يقال بأنَّ سن البلوغ بداية سن الطيش.

  سَيطر على كثير من الناس أنَّ مرحلة المراهقة أزمة ومشكلة، وحين يُطلق لفظ المراهق فهو يعني عند الكثير الطيش والانحراف والشطط، وأدى الغلو في هذا المفهوم إلى نتائج خاطئة؛ فصار الأب يعتذر عن انحراف ابنه وعن صبوته بأنَّه مراهق، وصارت الأم تبيح لابنتها ما لا يليق وتعتذر عنها بأنَّها مراهقة، وصار المراهق يصدق أنَّه مراهق، وغدت عند البعض مرحلة المراهقة عذراً لارتكاب الأخطاء، وعذراً للانحراف، وعذراً للصبوة والشطط والغفلة.

 ويوجد عوامل عدة وفدت علينا من غيرنا تدعونا إلى إعادة النظر في قبول هذه النظرة للمراهق.

نقرأ في القرآن الكريم أن أصحاب الكهف كانوا فتية-والفتى هو البالغ وهو المراهق-، ونحن نقرأ في القرآن أن إبراهيم عليه السلام عندما حطم الأصنام كان فتى {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}، ونحن نقرأ أن إسماعيل عندما صار آية في البر وأسلم نفسه لربه للذبح بين يدي أبيه كان فتى مراهقا، ونقرأ أنَّ السيدة مريم بلغت درجة الولاية وهي في سن المراهقة.

وقُلْ مِثْلَ ذلك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:

-جابر بن عبدالله رضي الله عنه كان عمره عند الهجرة ستة عشر عاماً.

-معاذ بن جبل رضي الله عنه أسلم وله من العمر ثمان عشرة سنة.

-عبد الله بن عمر رضي الله عنه أجازه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة.

-عبد الله بن عباس حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزد عمره على الثالثة عشرة.

 إذا كانت هذه هي المراهقة والبلوغ عند المسلمين فمن أين جاءتنا النظرة إلى المراهقة بأنها طيش وصبوة وضياع؟!

إنها مجموعة عوامل وفدت علينا من غيرنا، تدعونا إلى إعادة النظر في قبول هذه النظرة للمراهق. منها:

1-إن علم النفس المعاصر نشأ نشأة غربية، وترجمه المسلمون دون تمحيص.

2-الدراسات الإنسانية تمثل المجتمعات التي أجريت فيها.

3-العلوم الإنسانية تتأثر بشخصية الباحث: فعلم النفس المعاصر المترجم انعكاسٌ لنظرتهم تجاه الدين والأخلاق.

ليس في تاريخنا الإسلامي مشكلة مع المراهقين ولا أزمة، إذ كانت عادة شبابنا أن تجدهم في حلق العلم والذكر والأدب، فما إن يبلغ أحدهم السابعة أو الثامنة حتى تراه قد أتم حفظ كتاب الله، أو قطع مرحلة فيه، ثم أصبح يثني ركبه في مجالس العلم مستمعاً ومقيداً لما يسمعه. وإننا اليوم ومع ما نعيش الآن من أزمات المراهقين ومشكلاتهم بسبب ما جاءنا من فكر مستورد غريب فصدقناه، مع هذا نرى نماذج من البالغين والمراهقين تثبت خطأ هذه النظرة. فمن هم عمار المساجد؟ ومن حفاظ القرآن الكريم؟ ومن رواد مجالس العلم ودروس العلماء؟ واذكروا أنَّ السبعة الذين يظلهم الله في ظله ثانيهم شاب مراهق أو بالغ نشأ في طاعة الله، واذكروا أن الله تعالى يحب الشاب التائب مراهقاً أو بالغاً.

 والنتيجة المهمة: إنَّ المراهقة مغنم لا مغرم وأنَّ البلوغ قوة لا هُوَّة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل