الضربة آتية .. و "إسرائيل" ستبقى في حالة الإستنزاف الثلاثي ـ يونس عودة

الثلاثاء 28 تموز , 2020 09:05 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تكاد عملية شد الاعصاب الى الذروة على الجبهة اللبنانية ـ "الاسرائيلية"، وهي ليست عملية "عض اصابع" الا من طرف واحد، هو الكيان الصهيوني، الذي سرعان ما ارسل برقية خوف واعتذار عبر الامم المتحدة الى حزب الله عنوانها "لم نكن نعرف ان في الموقع المستهدف في سورية يوجد عناصر للحزب"- استشهاد المقاوم علي محسن - ولم نكن تقصد قتله.

على جوانب الرسالة الرسمية الخارجة من تل ابيب التي لا تعني المقاومة سواء كانت اعتذار، او تجنب التصعيد او تدحرج الامور الى حرب، فان محاولات القيادة "الاسرائيلية" سواء السياسية او العسكرية شد الوضع الداخلي ومحاولة تطمين المستوطنين بان جيشهم قادر على حمايتهم، من خلال تصريحات، خطوطها العريضة تحميل سورية ولبنان مسؤولية اي رد للمقاومة على استشهاد المقاوم محسن، اضافة الى التصريحات "العنترية" لقادة عسكريين على غرار ما قاله وزير الاستخبارات ايليا كوهين، بان "اي عمل سيقابل برد قوي، وننصح اعداءنا بعدم اختبارنا".

لقد اختبرت المقاومة جيش الاحتلال في الميدان مرارا ولم تخرج من اي معركة او حرب منذ العام 1982 ، الا منتصرة ، كما ان الجيش "الاسرائيلي" المزود باعتى ترسانة الغرب ولا سيما الترسانات الاميركية الحربية اختبر المقاومة في الميدان مرارا، ولا يزال عويل الجنود يصم اذان اهلهم وقياداتهم ، وقد انتجت المعارك الحربية معارك سياسية عناوينها - اتهامات بالتقصير - وتشكيل لجان تحقيق لاخذ الدروس والعبر ، ولم تكن خلاصتها الا عبرة واحدة ، ستهزم "اسرائيل" في اي حرب، ولن تتمكن رغم التدريب المكثف وعالي المستوى والمناورات المتكررة ،والحصول على احدث الاسلحة من الوصول الى قناعة ، مفادها القدرة على رد الاعتبار للجيش "الاسرائيلي" بعد الهزيمة المدوية جراء عدوانه عام 2006 .

حتى الان لا تزال المقاومة تعمل على استنزاف العدو باتجاهين :

الاول - استنزاف اعصاب القيادة "الاسرائيلية" ، وجعلها في قلق دائم وهي تتوقع ضربة لا تعرف مكانها ، ولا توقيتها ، ولا حجمها بموازاة اختراق منظومات الاتصال والتواصل ، اي الحرب السيبرانية وقد تمكنت من فعل الكثير في هذا المجال ، وهذه بحد ذاتها رسائل حربية من العيار الحديث جدا ، وربما حسبما ما هو شائع بان الصناعة "الاسرائيلية" العسكرية في هذا المجال هي الاكثر تطورا ، وقد باعتها لأنظمة الثراء ومهرولي الخليج، لكنها على تطورها كانت لقمة سائغة للفريق الالكتروني في المقاومة .وفي هذا المجال قال موقع "روترنيت" العبري :ان مجموعة هاكر تابعة لحزب الله باسم المقاومة الالكترونية قامت بتسريب البريد الالكتروني للعشرات من موظفي شركة"سرجون نيتوركس"المتخصصة في صناعة اجهزة الاتصالات الالكترونية، من دون مزيد من التوضيحات.

الثاني - استنزاف القدرات الاقتصادية والمالية للكيان، اضافة الى استهلاك اعصاب الجنود المستنفرين ، فمنذ العدوان الاخير على سورية في 21 تموز الجاري حيث استشهد المقاوم علي محسن ، لم تهدأ حركة الطيران الحربي والمسير على مدار الساعة ، إضافة الى دفع قوات جديدة الى المناظق الحدودية مع لبنان ، وفي هذا استنزاف ميزانيات غير قليلة ، تشكل اعباء ضاغطة على الميزانية العامة المثقلة اصلا ، والتي زادتها جائحة كورونا اثقالا مالية .

بالاضافة الى هاتين المسألتين فان القيادة الصهيونية لديها الادراك الكافي ، ان اي تصعيد من جانبها سيدخلها في دوامة كبرى على مستوى الجبهة الداخلية ، فهي متهمة بالعجز عن مواجهة "كورونا"، كما ان التظاهرات مستمرة امام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على خلفية العجز المذكور ، وكذلك تهم الفساد التي تلاحقه مع عائلته وبطانته.فكيف اذا انهالت مئات الصواريخ دفعة واحدة ؟وهل منظومات القبة الحديدية والباتريوت كافية؟

بحسب خبراء من اتجاهات مختلفة فان قدرة المنظومات الاسرائيلية ضد الاهداف الجوية- صواريخ وغيرها- محدودة .

-سؤال اخر مطروح دوما على طاولة قادة الاحتلال ، وهو، الى اين سيتم اجلاء المستوطنين من الشمال الى الداخل ؟، وهل هناك مراكز استيعاب كافية ؟

لذلك فان اختلافا عميقا في وجهات النظر في القيادة "الاسرائيلية" ، فهناك طرف يعتقد باحتمال تدهور سريع على الجبهة مع لبنان ، وهناك من يرى ان حالة التأهب والاستنفار ستكون طويلة، وهذه وجهة نظر الاستخبارات على اختلافها ، اي مزيد من الاستنزاف ، في وقت شدد رئيس الاركان كوخافي امام ضباط الفرقة 91 على "عدم توفير اهداف لحزب الله" ، اي بمعنى اخر ابقوا في حالة الاختباء ، لا نريد ان يصطادونكم .

لو كانت "اسرائيل" تضمن قدرتها على تحقيق فوز ولو بسيط لاقدمت بلا تردد ومن دون انتظار ذريعة على العدوان ، ولذلك فان الضربة المنتظرة ستكون من حيث لا يحتسبون.

بالمقابل، فان العمل على تأهيل الميدان مستمر على الجانبين من دون ادنى شك ، وليست الزيارة الخاطفة لرئيس هيئة الاركان الاميركية مارك ميلي الى القيادة "الاسرائيلية" العسكرية والامنية ، الا جزءا من هذا الاجراء ، وكذلك محاولة تغيير مهام القوات الدولية في الجنوب والذي عملت عليه السفيرة الاميركية خلال زيارتها الشريرة الى قيادة اليونيفيل ، ومحاولة دفع القوات الدولية للاصطدام مع الاهالي من خلال التحريض على المقاومة ،تحت ذريعة عدم قيام القوات الدولية بمهامها ، اي الصدام مع حزب الله،عبر الدخول الى القرى دون التنسيق مع الجيش اللبناني .

لم يكن الوضع الداخلي اللبناني بعيدا عن التأهيل المستمر اقله الان الحملة المتواصلة على المقاومة ، والطروحات غير القابلة للتحقق عن سلاح المقاومة بدل الاستثمار عليه لتأكيد السيادة وتحرير ماتبقى من الارض اللبنانية ما دام هذا السلاح عامل الرعب للعدو الاسرائيلي ، الا اذا كان المطالبون انهوا من جديد، تموضعهم في الخندق الاميركي ـ "الاسرائيلي" .

لا شك ان "اسرائيل" تدرك بان المقاومة سترد في المكان والزمان اللذين يناسبا رؤية المقاومة ، ليبقى زمام المبادرة بيد المقاومين ، وتحديد ذلك عند توفر الهدف المطلوب ، وليس اي هدف يمكن ان تقدمه القيادة "الاسرائيلية" ،للخلاص من حالة الاستنزاف الثلاثية ،سيكون بيد سيد المقاومة .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل