النصر في الثبات...وعدم الإنهزام ـ د. نسيب حطيط

الإثنين 03 آب , 2020 11:45 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

نعيش مرحلة من المراحل الصعبة والمعقدة والملتبسة من مراحل الصراع الوجودي مع المحتلين والمستعمرين تكاد تكون الأخطر والأصعب خلال القرن الأخير او في حلقات الصراع العربي- الإسرائيلي او الغزو المتعدد الجنسيات مع واقع استثنائي يتمثل بإنحياز اغلب الدول العربية والإسلامية الى الضفة ألأخرى من الصراع بالتحالف والتعاون مع العدو الإسرائيلي والمستعمر الأميركي والعمل ضد الأمتين العربية والإسلامية لتحقيق مصالح المشروع الغربي، وفي لحظة تفكك خطيرة وانعدام وحدة الصف و الكلمة او الموقف بل انتشار حالة الغدر والتآمر والتنازلات وغياب القادة وظهور الطحالب السياسية والحاكمة والتابعة غير الكفوءة والمنتحلة شخصية الملك او الأمير او الرئيس...بل والقائد الثوري المبرمج والمسيّر عن بعد كأداة اتصال مع الشارع المظلوم والمستغل  والضائع والجائع الذي يفتش عن لقمة عيشه بدل حماية مستقبله وقضاياه الكبرى .

استسلم النظام في مصر ووقع "اتفاقية كامب" ديفيد وبرّر استسلامه والصلح مع العدو بأنه الوسيلة الوحيدة لإنعاش الاقتصاد المصري الذي يستنزفه المجهود الحربي وان ما يتم توفيره من أموال الحرب سيعطى للناس تقديمات اجتماعية ومعيشية وصحية وسيزدهر الاقتصاد المصري ..لكن بعد اكثر من أربعين عاما ..هل ازدهر الاقتصاد المصري وشبع الناس ..ام لا يزال النظام بحاجة للمساعدات الأميركية من القمح و الإستدانة من صندوق النقد الدولي؟

استسلم النظام في الأردن ووقّع اتفاقية "وادي عربا"...وبعد اكثر من ثلاثين عاما هل تجاوز الأردن ازماته الاقتصادية ووصل للإكتفاء الذاتي...ام انه لا يزال يعيش على المساعدات الخارجية ويتعرّض للإبتزاز والتهديد الدائم...ويمكن ان يكون أخيرا الوطن البديل للفلسطينيين ضمن صفقة القرن...!

كل الوقائع التاريخية تؤكد ان من يستسلم لن تعطى له الحرية وسيتحول لعبد او اجير عند المنتصر، وان المستعمر الذي يفشل بالنصر عليك بالقوة ،سيثأر منك عند الإنتصار عليك بالتفاوض والصلح ودون تكبّد أي خسارة، بينما في الواجهة والحرب معه ستخسر ويخسر وعندها تستطيع تحقيق بعض شروطك وحماية بعض حقوقك،اما الإستسلام والهزيمة فإنهما يطيحان بكل ما تملك بل وتصادران مستقبل الأجيال القادمة ،فتكون قد سجنت  نفسك وساعدت بسجن  الذين لم يولدوا بعد.!

ان منا نتعرّض له يمكن ان يطول اكثر من عام او عامين وسيتساقط الكثيرون من الإنتهازيين او الوصوليين او المؤلفة قلوبهم عندما يحسم من رواتبهم او تلغى نهائيا وعلى اهل المقاومة توطين انفسهم على أيام صعبة وقاسية ،لأن الحرب في فصولها الأخيرة والأعنف والتي ستقرر مصير المنطقة ودولها وكياناتها بعد حوالي عشرة أعوام من الخريف العربي الدموي وبعد اكثر من سبعين عاما من احتلال فلسطين وتأسيس الكيان الصهيوني الغاصب .

شهور او سنوات عجاف...اما ان نصمد ونحمي كل تضحياتنا منذ سبعين عاما ،او ننهزم ونخسر كل ما كسبناه وكل الإنجازات ونعود كما كنا قبل ماية عام ،عندما استعمرنا الإنكليز والفرنسيين وقسّموا امتنا الى الدول القائمة واستعمرونا ...اما اليوم سيقسّمون المقسّم الى أجزاء وقطع صغيرة عليها نواطير ومخاتير برتبة ملك او امير او رئيس..!

لا بد من تحصين جبهتنا الداخلية وبيئتنا ومجتمعنا الصامد والصابر وحمايته من المرجفين والتجار والمقاولين الذين يحفرون في اساسات صموده ويثقبون جدران قلاعه النفسية والمعيشية بالإحتكار وغلاء الأسعار وافتعال الازمات المعيشية التي ترهق اهل المقاومة وان التسويف وعدم حسم الأمور والمجاملات اخطر من القصف العسكري المعادي وحتى من الحصار الأميركي المفروض ..

يجب ان تتلازم منظومة تامين وحماية لقمة العيش مع منظومة تجهيز وتأمين العتاد العسكري والإعلام المقاوم ،حتى نستطيع الصمود ثم الانتصار ..وما النصر الا صبر ساعة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل