«اللوبيات» المؤيّدة لترامب تطرده وتبايع بايدن

الإثنين 09 تشرين الثاني , 2020 01:25 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

السياسات الأميركية ترفض العداءات الدائمة والمفتوحة على طريقة القبائل، بل تستند الى أساليب تستجلب بواسطتها، مصالح اقتصادية دائمة عبر هدف واحد غير قابل للتغيير وهو المال أولاً وأخيراً.

بما أن الازدهار الاقتصادي هو منشد السياسات الأميركية الداخلية منها والخارجية، فهذا يحتاج الى استمرار الدولة بقواها الدستورية السياسية والأمنية والثقافية، و»لوبياتها» التي تحكم العالم بأسره، وتختبئ عادة خلف الحركة السياسية، لكنها تدعم حيناً مرشحاً على آخر، وما أن تظهر النتيجة حتى تعلن تأييدها للناجح حتى لو لم يكن من كانت تميل إليه.

من هي اللوبيات الأقوى في تفاعلات الأميركيين وانتشارهم العالمي؟

اللوبي الأقوى يتشكل من مصانع السلاح التي تعقد دائماً علاقة عميقة مع كل أميركي يصل الى رئاسة البيت الأبيض، باعتبار ان النفوذ الأميركي العالمي يحتاج الى بيع أسلحة أميركية الى دول كثيرة في العالم تنصاع اليه، اقتصادياً وجيوبوليتيكياً.

لذلك تشكل هذه المصانع قوى اقتصادية وسياسية هائلة تعمل على مستوى الإنتاج بإدارة مالكيها من كبار الرأسماليين الأميركيين، لكنها تبيع حسب المصالح العالمية للدولة الأميركية العميقة.

للذلالة على جبروت هذا اللوبي، فإن أكثر من سبعين دولة في العالم تشتري أسلحة أميركية، وبما أن سياسات ترامب صاخبة ومثيرة للنزاعات، فإنها جذبت اليها تأييد مصانع السلاح لإعادة التجديد لترامب لولاية رئاسية جديدة.

اللوبي الثاني هو النفط والغاز، الذي تمكن من استثمار آبار أميركية، انما من النوع الصخريّ الشديد الكلفة.

أدّى هذا الوضع الى تخفيف الاستيراد الأميركي من موارد الطاقة الخليجيّة، إلا أنها اصطدمت بصعوبة التصدير لارتفاع أسعارها قياساً بأسعار النفط والغاز الروسيّ والإيرانيّ والخليجيّ.

فسعى الرئيس الأميركي ترامب لسنوات عدة متواصلة، الى تهديد المانيا بضرورة إيقاف الخط الذي تستورده وبواسطته الغاز الروسي عبر بحر البلطيق ولم ينجح، فذهب إلى تهديدها وإطلاق عقوبات متعددة بحقها كما فعل الأمر نفسه مع تركيا التي تتعامل مع الغاز الروسي بخطين يردان اليها عبر البحر الاسود الى اوروبا، فرفضت تركيا وتلقت بالمقابل عقوبات ترامبية متعددة.

يمكن هنا إضافة الحصار الأميركي حول إيران كوسيلة للجم تصدير الغاز والنفط الإيرانيين الى العالم، بما يمنح موارد الطاقة الأميركية فرصة التسلل الى أوروبا واليابان وربما الصين.

هنا أيضاً، دعمته شركات النفط والغاز في محاولاته للفوز بولاية رئاسية ثانية، وغطت كل غطرسته وحماقاته اعتقاداً منها بإمكانية نجاح محاولاته في حصار موارد الطاقة الروسية والإيرانية.

لجهة اللوبي الثالث فهو اليهودي الأميركي الذي يستحوذ على قسم كبير من عالم المصارف الأميركية وأسواق البورصة فيها، واصوات المقترعين اليهود وهذه هي الأسباب التي فرضت على ترامب تأييد ضم القدس لـ»إسرائيل» والقسم الأكبر من الضفة الغربية والأغوار والجولان السوري المحتل.

استكمالاً لخطته، وربطاً بالأسباب اليهودية، استحدث ترامب علاقة عميقة بالكنيسة الانجيلية الأميركية التي تشكل «لوبي» نافذاً بين البيض الأميركيين وله وزنه في الكيان الإسرائيلي، لأنهم يعملون على اعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى.

وبالفعل جذب ترامب إليه أكثرية من ذوي البشرة البيضاء، لكنه بالغ في التوجه اليهم عبر إثارة السخرية والتهكم من ذوي الأصول الأفريقية والمكسيكيين والعرب والإسلام واللاتين والصينيين. فلم يستبق تقريباً أحداً خارج دائرة البيض إلا وتهجّم عليه بشكل مهين وساخر.

هذه اللوبيات وفّرت لها قاعدة كبرى من المؤيّدين فيما ذهبت أساليبه الشعبويّة الى تكوين قاعدة كبرى من المعادين له، وهم الأقليات العرقية والدينية وكمية لا بأس من الكتلة البيضاء التي تنتمي تاريخياً إلى الفئة المؤيدة للحزب الديموقراطي.

يتبين أن كل هذه «اللوبيات» مع الكتل المؤيّدة تقليدياً للحزب الجمهوري لم تتمكّن من تأمين الفوز «لرجلها ترامب»، فماذا تراها فاعلة؟ هل تذهب إلى الاستمرار في مخاصمة الرئيس الجديد بايدن الذي فاز في الانتخابات الرئاسيّة لأربع سنوات مقبلة؟

للإجابة، فإن هذه اللوبيات الأربع جسّدها صهر المهزوم ترامب وهو جاريد كوشنر اليهودي، هذا الأخير أرسل الى عمه كتاباً علنياً يدعوه فيه الى تسليم الرئاسة لبايدن والتوقف عن إطلاق الاعتراضات..

كما أن مصانع السلاح والنفط واللوبيين الإنجيليّ واليهوديّ، هنا ممثلون عنهم الرئيس الجديد بالنجاح.

فهذه القوى في خاتمة الأمر تعمل على مصالح اقتصادية وسياسية، ترتبط دائماً بالرئاسات الأميركية والدولة العميقة، وتعمل دائماً على الاستقرار الاجتماعي الداخلي، الذي يؤدي الى الاستقرار السياسي الداخلي، الذي يؤدي الى الاستقرار السياسي الداخلي وبالتالي العالمي على قاعدة استمرار بالإمساك بالتفاعلات الاقتصادية الأميركية والعالمية، هذا الإمساك الذي يدعم آلافاً من رجال الاقتصاد الأميركي الذين يسيطرون على الاقتصاد العالمي ويشكلون أغنى فئات بشرية ممكنة في التاريخ.

 

د. وفيق إبراهيم ـ البناء

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل