أميركا "البايدنية" والانتقال من "الترامبية" .. ولبنان ــ يونس عودة

الثلاثاء 10 تشرين الثاني , 2020 08:10 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

حطت الانتخابات الأميركية رحالها بفوز جو بايدن رئيساً، وهزيمة الجمهوري دونالد ترامب بأعلى نسبة تصويت، وهي هزيمة لم يقر بها بعد، إلا إذا "أخفقت جهوده القانونية في الطعن بنزاهة الانتخابات"، معتبراً أنها "انتخابات مسروقة" مقابل الشعار المركزي لبايدن بأنه "سيعمل من أجل أن يعيد للولايات المتحدة الأميركية هيبتها واحترامها مرة أخرى بين دول العالم".
إن إقرار بايدن بأن الولايات المتحدة فقدت هيبتها واحترامها مسألة واقعية، ليست من إنتاج "الترامبية" ذات السنوات الأربع وحدها، فهي ناجمة عن تراكم تاريخي منذ تكوين الولايات المتحدة ورئيسها الأول جورج واشنطن وحتى ترامب، وعن سياسات كلا الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، لذا من الضروري والمتوجب أن لا يتوهمنَّ أحد أن تغييراً جوهرياً سيطرأ على السياسة الخارجية الأميركية القائمة على الاستعمار والقوة والغزو والسيطرة على الثروات، والتحكم باقتصاديات الدول، أينما تمكنت وبأي وسيلة كانت ولا سيما غير الأخلاقية وغير الإنسانية.
من الغريب أن في لبنان، بعد كل التجارب، منذ الإتيان بالأسطول السادس قبل أكثر من ستين عاماً، إلى مؤامرة هنري كسينجر، وروبرت مورفي في السبعينيات، إلى اجتياح 1982م والقوى المتعددة الجنسية إلى حرب 2006م والتداعيات التي سبقتها ولحقتها، إلى "ثورة "NGOs"-2019"، إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وما خص الثروة اللبنانية، تجد أن هناك من لم يتعظ ولا يأخذ العبر، عن سابق تصور وتصميم، لا بل البعض زاد رهانه بأن الاستعانة بالأميركيين الذين ديدنهم اسرائيل أولاً، يكمن الخلاص الخاص، ولو غرق لبنان -كل لبنان - في المآسي، الاقتصادية والاجتماعية والمالية، والتوترات الأهليَّة .
لاشك أن الذين وضعوا كل بيضهم بالسلة الأميركية، يضربون اليوم أخماساً بأسداس، عما ستنتهجه الإدارة الجديدة في البيتِ الأبيض، وهم الذين مجرد بيادق على رقعة المصالح الأميركية، تنتهي خدماتهم مع تحقيق أو فشل المهمة الموكولة إليهم والمدفوعة الأجر سلفاً، وهو أمر تفاخر به أجهزة الاستخبارات الأميركية، مع فضح أدواتها عبر الطلب منهم إعلان مواقف صريحة، بموازاة العمل السري على الأرض .
لقد اكتشف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كيف تعمل الأجهزة الأميركية بكل قذاراتها، سواء من خلال الابتزاز، أو التهديد، أو الإغراء، أو الإغراق، أو بالترهيب، أو الترغيب، ومن خلال تدبيج اتهامات، في سبيل التماهي، أو الخضوع لسياساتها، وتنفيذ مآربها الوسخة.
لقد فضح باسيل ما تعرض له،"حيث لم يجرؤ الاخرون"، لا بل إن هؤلاء عززوا ضمائرهم الميتة وطنياً، بمزيد من ترويج الأكاذيب، فيما بعض آخر لم تفك عقدة لسانه حتى تفرج على لسان محمد بن سلمان . وربما إلى ما بعد تسلم بايدن منصبه، الذي يحتمل أن يصله مترنحاً، ليس بسبب عناد ترامب، وإنما بسبب التزاماته للتيارات التي تتنازع حزبه بين اليمين واليسار، وكيفية ترجمة السلطة والمناصب والملفات والالتزامات، ولذلك فإن النظام الأميركي سيبقى في ركود، إلى فترة غير معلومة والمسائل السياسية لم تحل عبر الانتخابات من العنصرية، إلى النظام الصحي وما بينهما، وعليه فإن طابع النظام السياسي لن يتغير نحو الأفضل".
من هنا لا يجب أن ننسى أن الحزب الديمقراطي الأميركي كان صاحب نظرية "الحرب الناعمة" التي جلبت الكوارث السياسية والاجتماعية في العالم سواء عبر "الثورات الملونة "، وما خلفت من تمزقات اجتماعية، أو بتصنيع الإرهاب لتشويه سماحة الإسلام عبر اختراع "داعش" وهو ما أقرت به هيلاري كلنتون التي كانت وزيرة خارجية الحرب الناعمة، إلى الانقلابات على أصدقاء أميركا وأدواتها، وهذا الأمر يجب أن يكون حافزاً للمترددين، والذين يمسكون العصا من منتصفها، لاتخاذ قرار، وليس التفكير في الخيار . وليطرحوا على أنفسهم بضعة أسئلة بسيطة، لكنها جوهرية .
- هل تسحب إدارة بايدن، وتفكك الألغام التي بدأت بزرعها منذ 2005م من أيام جورج بوش النزق، وحتى 2020م ولاسيما خلال إدارة باراك أوباما الديمقراطي، أكان عبر رعاية جون بولتون إلى جيفري فيلتمان وصولاً إلى ديفيد هيل وخلفه شينكر المتمادي في الوقاحة . 
- هل يمكن أن تقف الولايات المتحدة بإدارتها الجديدة مع الحقوق اللبنانية كاملة في مفاوضات الترسيم الحدودي - البحري والبري - وتوقف الاستفزازات الأميركية.
- هل تراجع الولايات المتحدة سياستها التدميرية للاقتصاد اللبناني، والمالية اللبنانية، وترفع يدها عن الفاسدين، ولا تهدد من يطلب محاكمتهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، إن مست بأحدهم شعرة.
- هل يمكن أن ترفع واشنطن يدها عن المنظمات التي تعمل على منع عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وتحت رعايتها . وأن لا تمارس الضغط على أي دولة تريد أن تكون صديقة للبنان .
إذا نفذت واشنطن ذلك، إضافة الى وقف التدخل، والوصاية على هذه الوظيفة أو تلك، لا يمكن أن تكون دولة معادية للبنان، لكنها ستكون دولة تناهض تكوينها الأول، كدولة استعمارية.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل