لبنان .. حماقة الانتظار تحت شرفة البيت الأبيض ــ أمين أبو راشد

الأربعاء 11 تشرين الثاني , 2020 10:04 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

انتظر اللبنانيون أكثر من الأميركيين نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدليل أن البعض منهم لم يقتنع أن ولايتيّ بنسلفانيا ونيفادا قطعتا الطريق على أحلام ترامب، وما زالوا ينتظرون نتائج جورجيا وإعادة الفرز في أريزونا لعلَّ وعسى يعود طيف ترامب إلى البيت الأبيض، نكاية بفريق لبناني آخر من جماعة جو بايدن!.
هكذا وبكل بساطة نعيش الحماقة في لبنان، ونراهن على أميركا وعلى ساكن البيت البيضاوي، ونحن لسنا أكبر من مقاطعة في ولاية أميركية، ولا أكثر من حقل تجارب صغير في شرقٍ بائس لارتكابات الكاوبوي الأميركي سواء كان من الحزب الجمهوري أوالديمقراطي، ونؤجل تشكيل حكومتنا ليس لِمَا بعد الانتخابات  الأميركية بل لما بعد بعد نتائج الفرز في جورجيا!.
لا يفقه المعنيون في لبنان، أن المؤسسة الأميركية لديها استراتيجيتها المُستدامة بصرف النظر عن شخص الرئيس وعن تكتيك الحزب الذي ينتمي إليه، وأن الدولة العميقة في الولايات المتحدة تُديرها عائلات صهيونية على ماسونية، تُهيمن على نقد العالم واقتصاده وسياساته، وهنا لن نتطرق الى آل روتشيلد وسواهم القابعين خلف كواليس صنع القرار الأميركي، بل إلى مَن هُم على خشبة المسرح يؤدون الأدوار المطلوبة، ونعطي أمثلة بسيطة كنماذج، عن الدولة العميقة التي ننتظر منها الترياق لتشكيل حكومتنا:
الولايات المتحدة مجموعة أعراق وإتنيات مهاجرة، تريد أن تعيش وتعتاش، وليس هناك من انتماء قومي جامع لها سوى الدولار الأميركي وفرص العمل، ولا يكترث المواطن الأميركي للتفاصيل السياسية ولا لما يحصل في الخارج، لدرجة، أن كل العدوان الذي يُمارس على اليمن لا يهزّ مشاعر الشعب الأميركي لكن ارتفاع سعر غالون البنزين ولو بضعة سنتات قد يُشعل الشارع.
الدولة الأميركية العميقة هي بالدرجة الأولى التحكُّم بمقدارت العالم، سواء عبر أسواق البورصات أو عبر الإقتصاد الرائد الذي دخل في مواجهة مع الصين، والدولة العميقة هي في لوبي صهيوني يُزعزع استقرار الأنظمة غير الموالية من فنزويلا الى لبنان، والدولة العميقة هي في مصانع الطائرات والناقلات والأسلحة التي تتمّ تجربتها على أرض الدول النامية، مع ما تستوجبه من حروب لتصريف الإنتاج، والدولة العميقة هي في ازدهار صناعة السيارات الأميركية التي تواجه السيارة الصينية الصغيرة بطراز أميركي أصغر كي لا تكون عين المواطن الأميركي على ما هو مستورد من كوريا والصين من سيارات لا تستهلك الكثير من الوقود.
الدولة العميقة في أميركا هي في ضبط الأمن الإجتماعي لعشرات الملايين من الناس، ولا شيء هزّ عرش ترامب أكثر من إلغاء النظام الصحي المعروف بإسم "أوباما كير" ولم يطرح بديلاً عنه، والدولة العميقة في النفط الأحفوري الصخري الأميركي، الذي أنزل أسعار النفط العالمي الى الحضيض ومكَّن أميركا من شرائه بالأثمان الأبخس لتغدو الدولة الأكثر وفرة للإحتياط النفطي في العالم، لدرجة أن ترامب بعد أن التهم دفعة واحدة 450 مليار دولار من السعودية مقابل حماية العرش العائلي السعودي أعلن أنه لم يعُد بحاجة الى استيراد النفط من الخليج.
هذه نماذج عن مداميك بنيان الدولة الأميركية العميقة، التي نحلم نحن البضعة ملايين لبناني أن نكون ضمن أجندة الفائز بكرسي البيت الأبيض، وننتظر تحت الشرفة كما الحمقى، وكل مقوماتنا أن دولتنا العميقة التي نتغنَّى بها، هي جاط تبولة وصحن حمص وكم أرزة عاجقين الكون، وتكالُب محاصصات وتقاسم سرقات، وارتكاب كل المعاصي والفواحش والقذارات بحق شعبنا اللبناني، بانتظار أن يستولِد لنا جو بايدن حكومة سعد الحريري... .
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل