أميركا صراعات الداخل .. واكاذيب الأمن القومي ــ يونس عودة

الثلاثاء 17 تشرين الثاني , 2020 08:00 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

رغم ظهور نتائج الانتخابات الاميركية والفارق الوازن لصالح جو بايدن في المجمع الانتخابي , والاحتفالات بالفوز على الجمهوريين , لم يلق الرئيس دونالد ترامب رايته الاتهامية بان فوز خصمه ناتج عن سرقة الانتخابات, وقد تراجع ترامب عن تصريح كان أقر فيه لأول مرة بفوز خصمه ، معتبرا أن "طريقا طويلا لا يزال أمامهما لتحديد الفائز"وذكر ترامب في تغريدة: "لم يفز (بايدن) إلا في عيون وسائل الإعلام الكاذبة، ولم أعترف بأي شيء. لا يزال أمامنا طريق طويل لقطعه. كانت الانتخابات مزورة!"
لا شك ان لسلوك ترامب, وكذلك بايدن , منشأ اجتماعي في التكوين ,والاهم تكوين السلطة ,كامتداد طبيعي لمفاهيم القوة والاستعراض مع الدعاية الفتاكة في نشر الاكاذيب على انها حقائق , وفي اسوأ الاحوال تبرر بانها صراع ديمقراطي مشروع ,بينما هو في الواقع صراع السيطرة على العقول, بين شياطين وابالسة ,وهذا الصراع كلما اشتد على النفوذ الاجتماعي - السياسي - الاقتصادي ,ويكاد يصل الى الانفجار , يتم اختراع عدو خارجي , فيتوحد الشياطين والابالسة تحت مقولة" الامن القومي " فتنحى الديمقراطية في الزاوية , واكثر ما يفضح المشهد كيفية ممارسة الرقابة على مستوى العالم، من جانب "تويتر وفيسبوك"، بحيث لم تعد حرية التعبير، متاحة الا بما يتوافق مع صانعي هذه ىالتقنية العالية بعد ان تحولت عالميا ظاهرة السلطة الممنوحة لعمالقة الشبكات الاجتماعية قوة سلطة جديدة. يمكن وصفها ،" وحش عالمي"، يتحكم فيه أشخاص محددون جدا لمصلحتهم خارج سيطرة مستخدميه.وكذلك الامساك بالحسابات المصرفية في كل العالم من خلال نظام "سويفت" وتركيب اتهامات كما يحلو للقيمين على هذا النظام , وهو نظام تعاقدي بين الجمهوريين والديمقراطيين وكلاهما يتدخل كل ساعة في حياة مئات ملايين الناس حول العالم, وهذا الوحش الاخر الذي تكونت سماته المتغولة تدريجيا.
لكن هذا التعاضد اللاخلاقي بين الطرفين الاميركيين , للاضرار بالبشرية والسيطرة على عقولها والتحكم بمقدراتها , هو بدوره عامل صراع بين المكونين السياسيين ,- بذوره منه وفيه - , لانهما من بذرة واحدة في النشأة , ولذلك حينما تتعارض او تتناقض المصالح حتى داخل البيت الواحد يتوحش الطرفان الى اقصى الحدود.وقد عبر عن ذلك اعتى المتطرفين جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق في إدارة الرئيس دونالد ترامب، بأن الأخير قد يسبب "ضررا كبيرا" للأمن القومي الأميريكي، معربا عن مخاوفه من أن ترامب "لن يرحل بهدوء,فيما خصمه التقليدي السيناتور، بيرني ساندرز، راى أن ترامب يقوض الديمقراطية الأميركية أكثر من أي شخص في تاريخ البلاد.
هذان الرأيان يدلان على ضراوة الهيمنة على الاميركيين وعلى الاستقطاب الموضوعي في المجتمع الأميركي. كما يؤشران الى ان أميركا، بالفعل، دولة منقسمة جدا. حول أهم القضايا الأساسية، وحول ما يعنيه أن تكون أميركياً؛ وحول الدور الذي يجب أن تلعبه أميركا في العالم.
لقد اعلن بايدن إنه سيكون رئيسا لجميع الأميركيين، وليس فقط لأنصاره. لكن سياسة الديمقراطيين كلها تقوم على مبادئ "هوية الجماعات"، أي أنها تهدف إلى تقسيم المجتمع إلى فئات، حسب الخصائص العرقية والطبقية، والخصائص الأخلاقية والأيديولوجية. وما هو جيد لبعض الجماعات غير مقبول للبعض الآخر.
بالنسبة للبعض، يُعدّ السلاح حقا مقدسا للأميركيين، يقوم على حقيقة عدم إمكانية حرمان الشخص من حق الدفاع عن نفسه وعن أسرته. أما بالنسبة للديمقراطيين، فامتلاك السلاح تطاول على حق احتكار الدولة لاستخدام القوة. هذان نهجان مختلفان بالمطلق. وبالتأكيد.. مع مرور بعض الوقت، عندما تهدأ الانفعالات قليلاً، فمن المحتمل أن يتصالح هذان الاتجاهان. لكن الأمر سيستغرق وقتا,دونه مفاهيم , وليس تدوير الزوايا.ولذلك مهما حاولت الدولة العميقة في الولايات المتحدة ان تؤخر الساعة من خلال التركيز على ايجاد عدو خارجي وشن الحروب باشكالها المتعددة , تحت عنوان " الامن القومي الاميركي:" لن تتمكن من وقف صراع الاجيال , او" الثورة ", بغض النظر عن اللون الذي ستكون عليه.
من هنا يمكن ان يفهم التمترس من جانب بايدن لمواجهة روسيا فهو كما نائبته كامالا هاريس ينتقدان بشدة روسيا , وليس رئيسها فلاديمير بوتين فحسب , ولم يتوان حزبهما عن اتهام روسيا بشكل ممنهج بالتدخل في سياساتهم، وبأنها "أوصلت" ترامب إلى سدة الحكم، وهي سبب هزيمتهم في العام 2016.فيما لم تظهر كل الحملات والتحقيقات قرينة واحدة يعتد بها .فيما ستكون الصين في المرحلة المقبلة اشبه بحالة حرب باردة مع الولايات المتحدة .كما ان منطقة القطب الشمالي ستكون واحدة من ابرز مناطق الصراع في الحقبة المقبلة , وهذا يظهر في أنشطة الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، على طول ساحل المحيط المتجمد الشمالي، فيمكن تمييز النقاط الرئيسية التالية: يطور الأميركيون عمليات الغواصات النووية في القطب الشمالي، بما في ذلك في ظروف الشتاء، ويجرون تدريبات ICEX المنتظمة في بحر بيوفورت، قبالة سواحل ألاسكا وشمال غرب كندا. كما تعمل كندا على توسيع قدراتها، وبناء نقطة الدعم البحري نانيسيفيك في جزيرة بافين. وتخطط الدنمارك لإعادة نشر قوتها الجوية في جزيرة غرينلاند، بما في ذلك مقاتلات F-35A الواعدة. وفي قاعدة كيفليك الجوية الآيسلندية، التي كانت تُعرف سابقا بأنها أكبر قاعدة لطائرات الدوريات البحرية التابعة لحلف الناتو، تم نشر طائرات مضادة للغواصات من الولايات المتحدة ودول أخرى، من جديد، منذ العام 2015.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل