هذه نُفاثة صَدْر فاقرؤوها وبلّغوها حكامكم يا عرب .. الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

السبت 29 أيار , 2021 11:08 توقيت بيروت مقالات فكريّة

الثبات - مقالات

 

هذه نُفاثة صَدْر فاقرؤوها وبلّغوها حكامكم يا عرب

الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

 

العدوّ ماضٍ في تقتيل الفلسطينيين والتنكيل بهم وتشريدهم وتهديم أحيائهم بالجملة، وخنق حرياتهم وتحرّكاتهم، إلى جانب إصراره على المضيّ في احتلال أوطانهم!.. في حين أن طائفة كبرى من الحكام العرب ماضون في خياناتهم، مصرون على الاستمرار في حراسة سفارات هذا العدو، وعلى الاستمتاع بمنظر العَلَم الإسرائيلي باسقاً يرفرف فوق رؤوسهم!.. يعتزون بأردية المهانة سابغةً عليهم تلفّهم من أطرافهم، دون أن يبالوا بالتاريخ العربي والإسلامي الذي يصفع وجه كل منهم، بالهوية التي تقرؤونها جلية على جبينه:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

 

أمَّا كلّ ما تعتزّ به إنسانية الإنسان، من مشاعر الشهامة والنبل، ومن ضرورة انتصار الأخ لأخيه في الملمّات، والسهر على رعاية الحق والدفاع عنه، فقد تخلّى عنه هؤلاء القادة الصغار، ليؤول ميراثاً يعتزّ به الاتحاد الأوربي، على الرغم من أنه لا يربطه بالقضية الفلسطينية تاريخ ولا مصير، إنْ هو إلاّ الجامع المشترك من الحسّ الإنساني الذي يأبى الهمجية ويتسامى على الضيم سواء اتجه إلى الذات أو إلى الغير.

يا عجباً لشأن التاريخ، كيف يفاجئ الدنيا بتقلباته البهلوانية!!..

كان الحكام العرب يوماً ما، أمل الأمة في الانتصار للحق عامة والحق الفلسطيني خاصة، وفي ردّ غائلة الطغيان عليه، وإذا هم اليوم يشكلون العائق الذي يصدّ عن بلوغ الحق ويشكلون الأمل الذي ينعش الطغيان الإسرائيلي ويحدو به إلى بلوغ مداه!!..

هل لكم أن تجيبوني يا أشباه الرجال: ما أنتم من تاريخ هذه الأمة؟ وأي نسب بقي بينكم وبين قيمها وأمجادها الشامخة؟ ألم يأنِ لكم أن تعلموا أن الخيانة التي تكرسونها ضد أمتكم وشعوبكم قد أحالت ألق تاريخنا المجيد إلى ظلام وقتام؟!.

أما إنَّها لبطولةٌ لا تُحسدون عليها، تلك التي تجعلكم تنسون أو تتناسون لعنة الأجيال العربية والإسلامية القادمة، تنهال عليكم وتجلل أيام حكمكم بالسواد، وإنها لمصابرة عجيبة لا تحسدون عليها، أن لا تقيموا وزناً للخالق الذي ائتمنكم على حقوق هذه الأمة اليوم والذي سيوقفكم غداً بين يديه ويأخذ منكم بالخناق.

وإنه لوسام من المهانة لا تحسدون عليه، أن تكون معذرتكم في خيانة أمتكم والتخلّي عن حقوقها، والعكوف على خدمة أعدائها وجلاّديها، أنكم لا تملكون أمام إرهاب أمريكا وطغيانها الوحشي إلا الخنوع والاستسلام.

لعلّ أعينكم إذن زاغت عن رؤية أطفال الشهادة وعن رؤية الشموخ الذي تعتزّ به أمهات هؤلاء الأطفال، فعاقكم ذلك أن تتعلموا منهم فنّ التضحية بالتافه الذي تتعلقون به، في سبيل الأمجاد الخالدة التي لا شأن لكم بها.

اللهم إني قد بثثت نُفَاثَةَ صدري، وبلّغت بل أعلنت عن حرقة قلبي، اللهمَّ فاشهد.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل