أعلام التصوف .. الإمام البوصيري

الخميس 24 حزيران , 2021 10:49 توقيت بيروت تصوّف

الثبات - التصوف

 

أعلام التصوف

 الإمام البوصيري

 

أبو عبد الله شرف الدين محمد بن سعيد بن حّماد الصّنهاجي البوصيري صاحب قصيدة "البردة" وقصيدة  "الهمزية في مدح خير البرية"،  يرجع نسبه إلى "قبيلة صنهاجة" الكبيرة التي عاشت في بلاد المغرب، وهو يعتز بأصله المغربي، أمه من "دلاص" وهى بلدة بالبهنسا مركز بنى مزار بمحافظة المنيا، وأبوه من "بوصير" وهى بلدة صغيرة بين الفيوم وبنى سويف، وقد عاش البوصيري طفولته فيها، لذلك فقد نسب إليها .

وبعد أن تعلم القراءة والكتابة في كتّاب القرية، سافر الى القاهرة حيث تلقى بعض العلوم الشرعية واللغوية، ولأنَّه كان فقيراً فقد اشتغل بكتابة شواهد القبور، فقد كان ذا خط جميل، وقد قاسى البوصيري كثيراً من الفقر والضنك، وعمل موظفا صغيراً في بلبيس والمحلة الكبرى وسخا وغيرها،  ثُمَّ عاد الى القاهرة فلم يجد فيها ما يتمنى، فسافر إلى الإسكندرية، وهناك تلقى تعاليم التصوف على يد الشيخ الحسن الشاذلي، ومن بعده لزم خليفته المرسى أبى العباس .

اشتهر البوصيري بمدائحه النبوية، لا سيما قصيدته "الهمزية" و"البردة" اللتين اتخذ منهم رجال الصوفية ورداً لأذكارهم، فعاشتا على الألسن وكثرت حولهم الشروح، وقصيدته الهمزية في مدح الرسول تقع في 457 بيتاً وقد أسماها "أم القرى في مدح خير الورى" وقد افتتحها قائلاً:

كيف ترقى رقيك الأنبياء ... يا سماء ما طاولتها سماء

 وقصيدة "البردة" من خير ما قيل في مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم [البردة: هي الكساء من الصوف يلتحف به كالعباءة]، ومنشأ هذه التسمية أن: كعب ببن زهير المزني اشترك مع المشركين في حرب النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان له أخ اسمه: بجير قد أسلم، فلامه كعب وهجا الرسول، فأهدر الرسول دمه دمه، وبعد فتح الطائف جاء كعب الى النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد غطى وجهه بنقاب لا يظهر منه سوى عينيه حتى لا يعرفه أحد،  فأسلم ورفع النقاب عن وجهه وطلب الأمان، فأمنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم  فمدحه كعب بقصيدته المعروفة "بانت سعاد" ومطلعها: 

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيم إثرها لم يفد مكبول

إلى أن قال:

   نُبئت أنَّ رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول

 فأعجب الرسول بها، وخلع بردته، ووهبها له، فعُرفت القصيدة باسم "البردة"، وقد اشترى الخليفة معاوية بن أبى سفيان هذه (البردة) من ورثة كعب بعشرين ألف درهم ومن ثم صار تقليداً أن يلبسها الخلفاء في الأعياد.

ولما كانت قصيدة البوصيري قد قيلت في مدح الرسول كقصيدة كعب، وكان البوصيري قد رأى النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام يخلع عليه بردته بعد إنشاده هذه القصيدة، لذلك سميت القصيدة أيضاً بالبردة، وعن نظم هذه القصيدة والظروف التي أحاطت بها، يقول البوصيري: أصابني فالج أبطل نصفى (شلل نصفى) ففكرت في نظم قصيدتي الميمية، فنظمتها، واستشفعت بها الى الله تعالى أن يعافيني، وكررت إنشادها، وبكيت ودعوت وتوسلت، ونمت  فرأيت في المنام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى علىّ بردته، فانتبهت ووجدت فيّ نهضة (استطاع القيام) فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن قد أخبرت أحدا بذلك، فلقيني أحد الفقراء الصوفيين، فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  فقلت له: أيهم تريد؟ فقصائدي في مدحه صلى الله عليه وآله وسلم كثيرة، فقال: التي قلتها بين يديّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يظهر إعجابه بها، وألقى على من انشدها بردة! (وكأنه كان في حضرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهي تتلى عليه!) فأعطيته إياها .. توفي البوصيري في رأى أكثر المؤرخين سنة 696هـ أسكنه الله فسيح جناته .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل