واشنطن توزع الأدوار على حلفائها في أفغانستان ـ فادي عيد وهيب

الإثنين 06 أيلول , 2021 11:40 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

مع مرور الوقت بدأت تتضح ملامح حقيقة الإنسحاب الأميركي من افغانستان، وكيف جاءت التكليفات الجديدة لرسم مشهد جديد مغاير تماما في ذلك البلد وما حوله، وهنا نقصد الصين المرتبطة بافغانستان تجاريا بحكم مشروع "الحزام والطريق" (طريق الحرير الصيني الجديد للسيطرة على التجارة العالمية، ومستقبل الصين الاقتصادي)، وروسيا المرتبطة بافغانستان أمنيا منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي، وسياسيا على إيران الجار الغربي لإفغانستان، وهي أبرز المستهدفين من كل التحركات الأميركية والإسرائيلية سواء في الشرق الأوسط أو القوقاز.

فكان التكليف الأول من قبل واشنطن عسكريا لتركيا بتولي ملف مطار كابول، بحكم ان تركيا هي الدولة المسلمة الوحيدة "الناتو"، فتواجد تركيا بذلك الحلف ليس إلا لتسهيل تدخل "الناتو" إلى الدول الإسلامية والعربية تحت راية الهلال.

ثم جاء التكليف الثاني لدول الخليج وفي المقدمة قطر والإمارات بإستقبال الأفغان المتعاونين مع الأميركيين، ودفعهم للتكلفة المادية لذلك الإنسحاب.

بينما جاء التكليف الثالث للسان الصهيوني الناطق بالعربية قناة "الجزيرة" القطرية، كي تلعب نفس دورها في 2011م عندما قامت بتلميع تنظيم "داعش"، وها هي اليوم تنقل تحركات واحتفالات وعروض حركة طالبان العسكرية مباشرة وحصريا على غرار مباريات الدوريات الأوروبية.

والأخطر ما قامت به قناة "الجزيرة" في الترويج لسيطرة طالبان على وادي بانشير قبل دخول عناصر طالبان للوادي أصلا، وهو مشهد أعاد لنا ذكريات قناة الجزيرة في الحرب العراقية عندما بثت لحظة سقوط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد2003م مباشرة، مما كان له الأثر البالغ في سقوط العراق ككل، والإدعاء بمقتل سيف الإسلام القذافي في باب العزيزية جنوب طرابلس 2011م، وهو حي يرزق حتى الأن، وأتضح أنه كان مشهداً مفبركاً تماما، الأمر الذي يقول ان الجزيرة تخطت دور تلميع طالبان الى معاونة طالبان وبالطبع كلها أمور تتم بأوامر من الأميركي الذي سلم السلطة والسلاح وقدم أيضا حلفاء دوليين لطالبان لدعمه ماديا وتلميعه إعلاميا.

ومن تلك التكليفات التي وزعتها واشنطن في المرحلة الأولى قبل الإنسحاب، الى إدارة مطار كابول بعد الإنسحاب يتجلى لنا كيف توزع واشنطن الأدوار وتأتي بحلفائها لسد أي عجز قد يحدث جراء إنسحابها، فبعد فشل أردوغان منفردا في إدارة ملف مطار كابول بالبداية، أرسلت تركيا وقطر نهاية الأسبوع الماضي طواقم فنية للمساعدة في إعادة تشغيل المطار، مع دعم مالي قدره 30مليون دولار لحركة طالبان، وبالتزامن وصلت أول طائرة مساعدات لإفغانستان من الإمارات، وكان على متنها وفد رفيع المستوى للقاء مسؤولين من طالبان، وبعد وصول الطائرة الإماراتية مباشرة كانت طائرتان من طراز “إيرباص إيه 400 إم” منطلقتين من قاعدة قيصري الجوية التركية دخلت الاجواء الافغانية متجه نحو باكستان التي يعول أردوغان على جهاز إستخبارتها بشكل أساسي للتواجد في الملف الافغاني، بينما كانت أول طائرة مساعدات قطرية تهبط الى مطار كابول بعد وصول الإماراتية في نفس اليوم، لتصل بعدها بساعات قليلة جدا الطائرة الثانية ثم الثالثة.

ويعكس لنا ذلك المشهد بوضوح درجة التعاون بين قطر وتركيا والإمارات تجاه ملف مطار كابول، بعد ما باتت الإمارات دولة ذات أهمية في نظر البيت الأبيض بعد توقيعها على أكبر صفقة مع إسرائيل بشراء 22% من حقل تمار الإسرائيلي في شرق المتوسط.

ان الملف الافغاني كان السبب الرئيسي في زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد لتركيا وقطر مؤخرا، كي يلتقي بالرئيس التركي وأمير قطر، وليس بنظرائه مدراء أجهزة الإستخبارات في الدولتين، قبل مكالمة هامة هي الأولى منذ سنوات بين ولي عهد ابوظبي والرئيس التركي، تمت عبر وساطة من نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، لتختم العلاقات الإماراتية - التركية الجديد بختم رسمي.

وبالطبع لم يكن لأحد من قطر أو تركيا أو الإمارات يتجه نحو كابول إلا بضوء أخضر أميركي، وهذا التعاون الإماراتي التركي القطري أنعكس سلباً على السعودية، بعد جوالات من الصدام بينهم كانت في "جنوب اليمن" بين المجلس الإنتقالي المدعوم إماراتيا ومنصور هادي المدعوم سعوديا، ثم"اتفاق العلا" التي أنفردت فيه السعودية بقطر بعيدا عن الرباعية العربية، ثم"أوبك+"، وأخيرا وليس أخرا قرار السعودية بالأسبوع الماضي نقل مقرات قنوات MBC  والعربية بمحتوياتها من دبي الى الرياض، مع حزمة قرارات اقتصادية جديدة لسحب البساط من دبي لصالح الرياض.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل