اكلوا روث الاسود واكلوا الهوا‎‎ ـ يونس عودة

الثلاثاء 21 أيلول , 2021 09:19 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في افريقيا، تعتقد بعض القبائل انه بتناول فضلات الحيوانات الضارية عامة، وفضلات الأسود بصورة خاصة، يمكِّن رجالها من ان يستعيدوا شبابهم الذي ذوى بمرور الايام.

نسوق هذا المعتقد المتوارث، لقبائل كانت تعيش في المجاهل الافريقية، مع الاشارة الى ان الأسود ليست نباتية المأكل، وبالتالي، يصبح معلوما، ما هو نوع الروث الذي يخرج منها،  مع الإدراك الكامل بأن أعمار الأسود قصار، فلا يتجاوز عمر الأسد الذكر السنوات الثماني، والانثى - اللبوة- اكثر منه باربع سنوات الى ست كحد اقصى، وهو عمليا عمر الكلاب ايضا.

في لبنان، وبخلاف الأسود، يلاحظ المدقق في مسار بعض "الشغالين" في السياسية، انهم يستسيغون "اكل الهوا" ضمن معتقد ان شتيمة الصالحين واستخدام نعيق الغربان كقاعدة في تشغيلهم، يراكمان جمهورا يبقيهم في المشهد السياسي الذي لفظهم على المستوى الوطني .

مع وصول صهاريج المحروقات الى لبنان، من ايران عبر سوريا في سفينة الامل ارتفع نعيق الغربان بأن دخول الصهاريج الى الاراضي اللبنانية، لم يكن عبر المعابر الرسمية، من دون الأخذ بالاعتبار ان تلك الصهاريج سوف تخفف معاناة الشعب اللبناني الرازح تحت اثقال الحياة المتعددة الجوانب، ومن أبرزها ثقل عدم توافر المادة الأكثر حيوية في هذه المرحلة، التي تعتبر أن المستشفيات هي الاكثر حاجة إليها، إضافة إلى قطاعات حيوية، ناهيك عن الإنارة وحركة الانتاج ..الى اخره .

لم يجد الذين لم يتمكنوا من الكذب على الناس، علة في الغزال فقالوا انه اكحل العين، وكأن جمال الغزال وكحلة عينيه الذي انعم به الخالق عليه، نقص او مذمة. ولكم في تغريدة النائب القواتي مثال في التحريف، والتضليل.

مع ذلك، لا بد من استحضار محطات محورية عاشها لبنان تحت وطأة ارتكاب اولئك الذين يستهدفون النور اليوم لأنهم غير قادرين على إضاءة شمعة، لا بل يمجدون الظلمة، لأن النور يكشف حقيقتهم كأبواق بوم ساهموا في قتل لبنانيين وتدمير أحياء ومنشآت، وها هم اليوم يعملون على قتل الأمل .

مع بداية الازمة السورية، ساهم "البوميون"في احتضان وتغطية المجموعات الارهابية التي دخلت الى لبنان عبر المعابر "الشرعية "، ووضع هؤلاء الية كاملة بعيدة عن عيون الشرعية لتمرير الارهابيين الى سورية، واستقبال الارهابيين الجرحى علنا وفي السر في المستشفيات اللبنانية، في الوقت الذي كان الارهابيون يستهدفون الاحياء المدنية بسيارات مفخخة ويخطفون ويقتلون عناصر الجيش وقوى الامن فضلا عن المدنيين وانخرطوا في منظمات انشئت لهذه الغاية .ولغايات اخرى من بينها الارتزاق القذر.

ربما هناك سؤال تبسيطي لمن تهمه الشرعية ووهو ليس للمقارنة وانما للفت النظر، يستوجب الطرح : هل الاموال التي استلمتها منظمات NGOs، دخلت عبر الطرق الشرعية ؟

-الم تعلن الدول التي مولت تلك الحركات جهارا، انها لن تقدم المساعدات عبر الدولة اللبنانية، بل مباشرة الى منظمات التخريب المجتمعي، وغصبا عن السلطة الشرعية ؟

- عن اي طريق يتم إدخال الاموال الى تلك المنظمات ؟

 هل لدى الناعقين  الذين اعتادوا  لحس المبرد، استراتيجية  لإخراج أنفسهم من الأزمة العميقة التي تمر بها دولتهم وشعبهم، وهو ما يتطلب قبل أي شيء إرادة سياسية واعية ومدركة لحجم المخاطر والتداعيات الناجمة عن التقاعس والتأخير كل لحظة لا كل يوم، ، ولا يتطلب النكاية في الطهارة، هذا اذا احسنا النوايا، مع التأكيد ان قوة لبنان لم تكن يوما في ضعفه، بل تكمن في قوته، وفي تحالفاته التي تشد من أزره، ولا سيما وقت الازمات، ولبنان اليوم في ذروة الازمات،  ولذلك فان كل الوسائل المتاحة  الآن للتخفيف من هذه الازمات ومن معاناة الشعب اللبناني هي ضرورة وطنية، وليس باستمرار المراهنة على المجرب تكرارا.

امام اللبنانيين تجربتان حيتان الآن، عما فعله الاميركيون بمن يراهن على الخلاص عن طريق الاميركيين، الاولى في افغانستان حيث فعل الاميركيون ما لا يفعله الاخرون بحلفائهم وبأدواتهم بعد ان حاربوا بهم، وتركوهم الى حيث يلقون مصيرهم، عند لحظة المصالح الاميركية.

والثانية "تشليح" فرنسا العضو الفاعل في حلف شمال الاطلسي الذي تقوده اميركا، صفقة الغواصات مع استراليا، عنوة، الأمر الذي دفع فرنسا لاتهام استراليا واميركا بالخيانة، والتعرض لطعنة في الظهر.

لم يكن لبنان يوما، ولن يكون بالنسبة  لأميركا، أهم من فرنسا وأهم من افغانستان، وبالتالي لن ينال المراهنون على اميركا في لبنان حصة باي شيئ، فاميركا تنظر الى اولئك التعساء مجرد أجراء يرتزقون مقابل تشغيلهم في المشروع، وعندما يفشلون، تبحث عن إجراء آخرين للعمل في السيرك القاتل، لا عن غربان حاولوا تعلم كرج الحجل، فنسوا مشيتهم ولم يستطع احدهم تقليد الحجل. ولذا فان اسطول البواخر سوف يستمر بالمسير، كما تمر القوافل في البراري يصادفها كلب فينبح، وعلى شجرة، بومة مختبئة تنعق.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل