إحالة القضاء إلى القضاء ! ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 21 أيلول , 2021 01:25 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كلمة النائب حسن فضل الله في جلسة منح الثقة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كانت الأولى من حيث الترتيب الشكلي للنواب الراغبين بالكلام، والأولى من حيث المضمون، سواء لناحية السرد بالأسلوب العلمي الهادىء الذي يتَّصِف به النائب فضل الله، أم لناحية الإصرار الذي هو عليه في متابعة ملفات الفساد المُكدَّسة لدى القضاء منذ سنوات، والتي عمِل عليها النائب فضل الله ضمن لجنة عيَّنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في العام 2018، ضمن برنامج عمل لا يُقال عنه أنه إنتخابي، لأن كل ما هو مطلوب لإعداد الملفات قد أُنجِز، مع إصرار النائب فضل الله، أن المتابعة الجدية واجبة على القضاء، والقُضاة الذين بأيديهم هذه الملفات معروفون.

نُزكِّي كلمة النائب فضل الله من كل مطالعات النواب الذين توالوا بعده، لأن مُحاضرة النائب ستريدا جعجع جاءت سياسية على الطريقة اللبنانية الباهتة، حيث التسديد العشوائي بالعموميات دون ملامسة الواقع بمقترحات بديلة، وكلمة النائب جبران باسيل جاءت نارية، لأنه خاض خلالها بتفاصيل الوقائع دون مُسايرة أو مُهادنة في الباطل، والإشتباك الكلامي الذي حصل بينه وبين نائب رئيس المجلس إيلي فرزلي، يتحمَّل القضاء مسؤولية حصوله، لأن لا النائب باسيل يتحمَّل وِزر تسمية المرتكبين في تهريب الأموال، ولا النائب فرزلي مرَّر هذا الأمر من دون مداخلة، علماً بأن لوائح المُتَّهمين بتهريب أموالهم الى الخارج قد صدر عنها نُسخ كثيرة من لبنان الى أوروبا وبشكلٍ خاص سويسرا بصرف النظر عن دقَّتها.

وفي كلمته المدروسة بعناية مَن عايش ملفات الفساد الدَّسِمة، شرَح النائب فضل الله مسار هذه الملفات ومصيرها، وبقُدرة الواثق شرَّح مضمون متابعته الحثيثة لهذه القضية بين النيابة العامة والمجلس العدلي ومن ثم المجلس النيابي لتعديل بعض القوانين بناء لطلب القضاء، وتبيَّن له كما أعلن، أن لا القضاء العدلي يبتُّ بالملفات ولا المجلس النيابي بتَّ بموضوع تعديل القوانين، لتكون الخلاصة بالنتيجة، أن ملفات أخطر الجرائم المالية في تاريخ لبنان والعالم بأسره ما زالت قابعة في أدراج القضاء.

المشكلة أن الشعب اللبناني لا يُحاسِب على الأداء ولا من مسؤوليته أن يحكُم على القضاء في تشعبات مؤسساته، ومَن هو المجلس صاحب السلطة في بتّ ملفات الفساد ومَن هي المحكمة ذات الصِّلة في المتابعة، ولعل مثالين يختصران واقع إدارة الشؤون في المؤسسات القضائية، مثال القاضية غادة عون التي "كفَّروها" لأنها وضعت يدها على أقذر ملفات السرقة وتبييض وتهريب الأموال، والقاضي بيطار الذي يستهجنون جرأته في التطاول على "المقامات" في تحقيقاته بجريمة تفجير المرفأ.

وإلى أن يتناول القضاء اللبناني العمل على جرائم الفساد بصفتها العدلية لا السياسية، وينتفض القضاة الشرفاء لكرامتهم الشخصية كما فعل القاضيان عون وبيطار وأمثالهما كُثُر، فإن وضع الملفات في الأدراج باقٍ الى حين، والبحث دائماً جارٍ عن كبش محرقة صغير في كل ملف، عسى أن تتمّ هيكلة هذا القضاء وتحديد دور كل مؤسسة فيه، بانتظار البدء الفعلي للتحقيق الجنائي الذي تحكُم إنطلاقته المرحلة الجديدة من عمر دولة القانون، كي لا نبقى رهائن القضاء والقدر، بانتظار إحالة كل ما يرتبط بالقضاء الى القضاء الأعلى!  
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل