صديق عدوي عدوي ـ عدنان الساحلي

الجمعة 24 أيلول , 2021 11:45 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

هل ستتصرف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بما تقتضيه مصلحة لبنان، فتحدد عدو لبنان وصديقه وفق سياسة المصلحة وصدق التعامل، أم ستبقى كسابقاتها تعيش أجواء الخوف من غضب السفيرة الأميركية القابعة في عوكر، التي تؤكد كل تصرفاتها وقرارات إدارتها، أنها لا تضمر إلا الشر للبنان واللبنانيين. فصديق لبنان لا يمكن أن يكون حليفاً لعدوه. وهناك إجماع لبناني على أن الكيان الصهيوني "إسرائيل" هو العدو الأول للبنان.

آخر أخبار هذا "الصديق" الأميركي المزعوم، تفيد بأن مجلس النواب الأميركي أقرّ باغلبية ساحقة أمس الخميس، مشروع قانون يقدم مليار دولار إضافياً، لتحديث منظومة "القبة الحديدية" للدفاع الصاروخي "الإسرائيلية"، بعد أن عرقل نواب ديموقراطيون قبل يوم واحد، مصادقة الكونغرس على هذه المساعدة الأمنية لـ"إسرائيل".

أول ردود الفعل "الإسرائيلية" كان توجه رئيس الحكومة نفتالي بينيت، بالشكر لأعضاء مجلس النواب الأميركي، [ديمقراطيين وجمهوريين على حد سواء، على التأييد الجارف تجاه "إسرائيل" والإلتزام بأمنها]، على حد قوله. 

بدوره، رحب وزير الخارجية "الإسرائيلية"، يائير لابيد، بمصادقة مجلس النواب الأميركي على تقديم المساعدة لـ"إسرائيل"، وقال "ليس لإسرائيل صديق أفضل من الولايات المتحدة".

وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وافقت على صفقة أسلحة لـ"إسرائيل" بقيمة 735 مليون دولار في أعقاب الحرب على غزة. والجزء الأكبر من الصفقة هو "ذخائر الهجوم المباشر المشترك". وهي مجموعات تحوّل ما يسمى القنابل "الغبية" إلى صواريخ دقيقة التوجيه.

في هذا الوقت، رست السفينة الأميركية "USNS Choctaw County"  في مرفأ بيروت، كجزء من تدريبات يجريها الأسطول الأميركي، وصفت بأنها "الأولى من نوعها في الأسطول الخامس".

وبحسب بيان وزعته السفارة الأميركية في بيروت، فقد وصلت سفينة "USNS Choctaw County"، للنقل السريع، إلى لبنان يوم 20 أيلول الحالي في زيارة كانت مقررة سابقا.

وقالت: إن "هذه الزيارة التاريخية هي الأولى لسفينة بحرية أميركية إلى قاعدة بحرية لبنانية، وهي تسلط الضوء على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني"، مشيرة إلى أن "هذه الزيارة بإدارة القيادة الوسطى للقوات البحرية الأميركية (NAVCENT)، تعتبر جزءاً من مهمة هذه القيادة، التي تهدف إلى بناء قدرة البحرية اللبنانية على الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين وتعزيز قدرات الاستجابة للكوارث، بما في ذلك تبادل الخبراء المتخصصين بين البحرية اللبنانية وطاقم القيادة الوسطى للقوات البحرية الأميركية الذين يعملون على الاستجابة للكوارث، الصحة العامة، إجراءات مكافحة الألغام، والغوص وقدرات البناء".

وقال الأدميرال براد كوبر، قائد الأسطول الخامس الأميركي والقوات البحرية المشتركة، إن "هذه فرصة جديدة للبحرية الأميركية للعمل مع نظرائنا اللبنانيين... نحن نستهل حقبة جديدة من تعزيز وتوسيع بناء القدرات في جميع أنحاء المنطقة.

فهل حقاً إن جيش الولايات المتحدة وسلطاتها هما صديقان للبنان. وكيف تستقيم هذه المعادلة الشاذة التي تقول بأن حليف عدوي صديقي؟ 

ولو راجعنا سلسلة المواقف الأميركية من لبنان، في المديين القريب والمتوسط، لتبين لنا أن الإدارات الأميركية المتعاقبة التزمت بما تسميه أمن "إسرائيل" في كل الظروف والمواقف، على حساب من يدعون في لبنان وفي الأقطار العربية، أن أميركا صديقة لبلدانهم. لكنها في الحقيقة قد تكون صديقة لهم كأفراد لأنهم مجرد أتباع لها وخدم عند سفاراتها، يخضعون لأوامرها وإملاءاتها على حساب بلدانهم وشعوبها. 

هل ننسى أن "صداقة أميركا" قضت بإنزال جنود "المارينز" في بيروت عام 1958 لدعم حكم كميل شمعون. أو ننسى عروضات  التمويل التي قام بها مبعوثون اميركيون في بداية خمسينيات القرن الماضي، لأحزاب وقوى سياسية لبنانية، مقابل إنخراط تلك الأحزاب والقوى في "الحرب الأميركية ضد الشيوعية". وتلك الميزانيات ما زالت مستمرة وتوسعت لتطال ما يسمى "جمعيات المجتمع المدني" (NGOS).، التي لو كنا في دولة تحترم نفسها وتطبق قوانينها، لوضعت رموزها في السجن، فهؤلاء يتلقون أموالاً بشكل علني من جهات أجنبية يعملون لديها؛ وفي الوقت نفسه يمارسون العمل السياسي في لبنان. في حين أنهم يعيبون على المقاومين، الذين حرروا الأرض وطردوا المحتل منها، أن يحصلوا على دعم من قوى حليفة ساعدت لبنان وتساعده لمواجهة العدو الطامع، خصوصاً أن اعتبار البعض "أن قوة لبنان في ضعفه"؛ وتواطوء بعض أطراف الدولة، هو الذي إستدعى العدو ليحتل أكثر من نصف الأراضي اللبنانية وصولا إلى العاصمة بيروت، حيث أشرف الإحتلال بقواته ودباباته على إنتخاب أحد عملائه رئيساً للجمهورية. وبعد تنفيذ حكم الشعب بالخائن،  تم عقد إتفاق إذلال وإذعان مع من خلفه، هو إتفاق 17 أيار الذي أسقطه اللبنانيون بقتالهم وبالدعم السوري والإيراني لهم.   

كذلك، إلى متى سيبقى التجاهل العام للتسهيلات العسكرية التي توفرها السلطات اللبنانية للأميركيين، في القواعد العسكرية الجوية اللبنانية وفي ثكنات الجيش، التي لا يغيب عنها المستشارون الأميركيون. وقد تحول مطار حامات إلى قاعدة عسكرية أميركية بكل ما للكلمة من معنى. في وقت يجري فيه تحويل السفارة الأميركية في عوكر إلى مدينة عسكرية أميركية تشبه المنطقة الخضراء في بغداد.

ثم يخرج عليك مأجور أو بوق مرتزق، ليضلل الناس ويقتل الحقيقة بصوته النشاز، ناعقاً بأن إيران تحتل لبنان، في إستفزاز للسواد الأعظم من اللبنانيين، الذين يدعمون المقاومة ويؤمنون بها، بالقول أنهم ليسوا لبنانيين، لأنهم لم يجدوا داعماً لهم في وجه الغزو الصهيوني غير إيران. في حين أن لا هم عند ممولي تلك الأبواق من أثرياء العرب، غير شراء الرضى الأميركي بمليارات الدولارات التي يسرقونها من جيوب شعوبهم. 

فهل ان واشنطن التي هدَّدَت بفرض عقوبات على الحكومة اللبنانية في حال وافقت على إدخال المازوت والبنزين الإيراني، لكسر الحصار المفروض على لبنان، بموجب أحكام "قانون قيصر"، هي صديق أم عدو. وهل أن المسارعة للسماح بوصول الغاز المصري إلى لبنان وتغذيته بالتيار الكهربائي من الأردن، هو مساعدة أم فخ ولغم تضعه واشنطن أمام لبنان، فالغاز المصري هو "إسرائيلي" تشتريه مصر وترسله إلى لبنان. والكهرباء الأردنية تعمل بغاز "إسرائيلي" يستورده الأردن. وفي الحالتين هو قرار أميركي يحتال بشتى الطرق لفتح معابر "تطبيع" لبنانية مع الغزاة الصهاينة الذين يحتلون فلسطين، كما يحتلون أجزاء من الأرض اللبنانية. ولا يخفون أطماعهم في الأرض والمياه وثروة النفط والغاز اللبنانية القابعة في عمق المياه الأقليمية اللبنانية، التي يريد ألأميركي إجبار لبنان على التفريط بها بموجب "خط هوف" الذي يصر الأميركي على فرضه على لبنان ويضغط لمنعه من تعديل المرسوم 6433 بما يحفظ الحقوق اللبنانية في المياه البحرية وثروتها، فأي صديق لدود هذا الذي لا يجروء ميقاتي وحكومته على إغضابه؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل