أنوار عيسى ابن مريم عليه السلام ... سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه

الجمعة 31 كانون الأول , 2021 03:41 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - إسلاميات

نحن في هذه الأيام لابدّ وأن نرسل لإخواننا المسيحيين في هذا البلد "لبنان" وفي سائر بلدان العالم التهاني، ونقدم لهم بهذه المناسبة المعايدة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيد إلينا الأيام الطيبة في خير ويمن وسلام ومحبة وتعاون وصفاء؛ لأننا عندما نقف عند هذه المناسبة والتي لا يشترط أن تكون محدودة نجد أن الناس اتخذوها مناسبات للتواصل والتعاون والتلاقي وصلة الأرحام، وهذا شيء مهم للغاية في أيامنا هذه.

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ*ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} سورة آل عمران-الآية 33-34، نحن نلاحظ أن الله تبارك وتعالى اصطفى لنا أزمنة للعبادة كشهر رمضان، واصطفى لنا أمكنة مباركة للعبادة كمكة المكرمة والمدينة المنورة وبيت المقدس، واصطفى لنا رجالاً وعوائل ترشدنا وتهدينا، اصطفى من آل إبراهيم: (إسحاق-إسماعيل-يعقوب-يوسف سلام الله عليهم أجمعين)، واصطفى من آل عمران: (السيدة مريم)، قال الله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} سورة آل عمران-الآية 37، امرأة مباركة، نشأت على الصلاح والتقى، كان يأتي طعامها إليها، ويقول بعض أهل التفسير: أن الله سبحانه وتعالى كان يهيء للسيدة مريم طعام الشتاء في الصيف، وطعام الصيف في الشتاء، وذلك للدلالة على كرامتها عند الله سبحانه وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كمُلَ منَ الرجالِ كثير، ولم يكمُل منَ النساءِ إلّا أربع: آسية بنتُ مُزاحم امرأةُ فرعون، ومريمُ ابنةُ عمران، وخديجةُ بنتُ خويلد، وفاطمةُ بنتُ محمّد )).

السيدة مريم الطاهرة البتول المطهَّرة المطهِّرة حملت حملاً ثقيلاً، وذلك عندما جاءت قومها بطفل تحمله، ليرد عليها قومها بالسوء، واتهموها بالحرام، إلا أنّ الله تبارك وتعالى لا يترك أنبياءه ولا أولياءه، إنما يمكّن لهم في الأرض تمكينا، ويمدهم بنصره وتوفيقه.

رحمة الله سبحانه وتعالى عظيمة، هيأ الله سبحانه وتعالى للسيدة مريم مكاناً فيه من الدواء والطعام ما يكفي لتنجب طفلها بيسر، قال الله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} سورة مريم-الآية 25، لا أحد بجانبها في هذه المحنة، إلا أنه سبحانه وتعالى هيأ لها الطبيعة لخدمتها في مخاضها، وهذا يثبت أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يفعل أمراً دون النظر إلى الماديات؛ في حين أن بني إسرائيل جعلوا كل شيء في حياتهم مادي ربحي.

أنكر اليهود مسألة الإعجاز؛ لهذا جاء الله سبحانه وتعالى بهذه الحالة من الولادات، أي بدون أب؛ لنسف مادياتهم، وأعطى السيد المسيح عليه السلام معجزات منها: التكلم في المهد، وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله، وهذه جميعاً ليست من الماديات في شيء، إنما تبنى على المعجزات. التقدم المادي لم يكن لقتل الإنسان؛ إنما لبناء المجتمعات والنهوض بها، وما نراه اليوم من قتل وإجرام ما هو إلا رفض لفكرة السلم والسلام والعيش المشترك بين بني البشر.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل