كيف سينسحب التفاهم النووي على لبنان؟ ـ د.ليلى نقولا

الإثنين 17 كانون الثاني , 2022 09:16 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بعد أن ساد جو من التشاؤم في كانون الأول/ ديسمبر الماضي حول نجاح المفاوضات للعودة الى الاتفاق النووي الموقع عام 2015، برز نوع من التفاؤل الحذر هذا الاسبوع في فيينا، وبدأ الحديث عن مسار إيجابي يسود المفاوضات النووية بين إيران والدول الكبرى.

وكما هو متوقع، فإن الصعوبة في المفاوضات في فيينا مرتبطة بما تريده إيران من ضمانات بأن لا تعود الولايات المتحدة الاميركية الى الانسحاب من الاتفاق، وهذا ما لا تستطيع أن تقدمه الادارة الأميركية، إلا بقرار من الكونغرس بأغلبية أعضاء المجلسين وهو غير متوفر حالياً، ولا يمكن توفره إذ أن النظرة السلبية  تجاه إيران تتخطى الانقسام الحزبي في أميركا.
 
وبالرغم من التهديدات المتكررة التي يطلقها مسؤولون من الإدارة الأميركية، والحديث الغربي بأن الوقت ينفذ، فإن الخيارات التي يمتكلها الأميركيون تبدو قليلة، وهي كما يتم التهديد بها على الشكل الآتي:

- الخيار العسكري: وهو غير متاح بتاتاً باعتبار أنه باهظ الكلفة وغير مضمون النتائج وسيؤدي الى تهديد أمن القوات الأميركية المنتشرة ويمكن أن يؤدي الى إغلاق مضيق هرمز ما يشعل أسواق النفط العالمية، ويؤدي الى كوارث اقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا.

- استصدار قرار جديد من مجلس الأمن بفرض عقوبات أممية على إيران  وهو غير ممكن في ظل رفض روسي وصيني واضحين.

وفي هذا السياق، حمّل وزير الخارجية الصيني وانغ يي إن واشنطن المسؤولية الأساسية عن الصعوبات المستمرة مع طهران بعد انسحابها من جانب واحد من الاتفاق النووي في 2018. وأكد أن الصين تدعم بقوة إلى استئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي، لكنه أوضح أن بلاده تعارض بشدة العقوبات أحادية الجانب غير القانونية ضد إيران والتلاعب السياسي من خلال مواضيع تشمل حقوق الإنسان والتدخل في الشؤون الداخلية لإيران والدول الأخرى بالمنطقة.

وهكذا، لا خيار أمام الغرب إلا الاستمرار بالمفاوضات للوصول الى حل نهائي لأمر يعتبرونه بالغ لخطورة، وهو قيام إيران بزيادة معدلات تخصيب اليورانيوم، وحيث يتخوف الغربيون من أن إيران ستتمكن من صنع قنبلة نووية في وقت قصير نسبياً.

كيف سينسحب التفاهم النووي على لبنان؟

السيناريو الأول: أن ينسحب التفاهم النووي ايجابياً بسرعة وتلقائياً على الداخل اللبناني، ويمكن أن نشهد جملة تسويات تريح الوضع الاقتصادي، ويتم تخفيف الاحتقان الداخلي، وذلك لأن الأزمة اللبنانية تكون قد ادّت الغرض منها، أي عض الاصابع والضغط على اللبنانيين كوسائل ضغط بين الاطراف المتقابلة. ويمكن، في هذا السيناريو، ان يتم تأجيل الانتخابات النيابية لانتفاء الحاجة لها في معادلات القوة في المنطقة.

السيناريو الثاني: ان يعمد المتضررون من الاتفاق النووي من الدول الاقليمية الى محاولة التعويض في لبنان عبر محاولة تغيير موازين القوى الحالية.وبما أن كل الوسائل السابقة من مظاهرات ومحاولة تأجيج الفتنة لم تنفع، يمكن أن يستمر الاستثمار في حملة التجويع، فتستمر التوترات وتزداد الضغوط الاقتصادية المترافقة مع حملات إعلامية للوصول الى الانتخابات النيابية على وقع عوز اللبنانيين أما لشراء ضمائرهم أو لتحميل التيار الوطني الحر وح ز ب الله وحدهما المسؤولية عما آلت إليه احوال اللبنانيين.

واقعياً، إن الآمال بتغيير شامل عبر صناديق الاقتراع لا يبدو واقعياً لغاية اليوم، أما تغيير الغالبية النيابية فهو أمر ممكن لكنه يبقى ربحاً معنوياً أكثر مما هو ربح فعلي لأي طرف داخلي أو اقليمي. وحتى لو قامت السعودية بتقديم دعم مالي للقوات فإن التعويل على القدرة على الاطاحة بح ز ب الله عبر الانتخابات يبدو اليوم ضرباً من الخيال.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل