كيف قرأت "إسرائيل" هجوم المسيّرات على الإمارات؟

الإثنين 24 كانون الثاني , 2022 12:34 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

تتزايد حدّة الصراع المسلح بين قوات أنصار الله اليمنية ودولة الإمارات، وشهد الصراع تطوراً لافتاً بتنفيذ أنصار الله هجوماً عسكرياً باستخدام الطائرات المسيّرة، الإثنين الماضي، والتي استهدفت عدة مواقع إماراتية، منها مطار أبو ظبي الدولي، وأكدت جماعة أنصار الله أن العملية العسكرية تأتي بسبب استمرار العدوان الإماراتي على اليمن، وحذّرت من أنها ستكثّف العمليات في حال استمرّ العدوان.

قرأت "إسرائيل" الهجوم من عدة زوايا، أبرزها تحميل إيران مسؤولية الهجوم، باعتبار أن لديها القدرة العملياتية على تنفيذ عملية بهذا الحجم، وهي بذلك تسعى للتأثير في مسار مباحثات فيينا، وإظهار أن إيران لم تعد تبالي بالمجتمع الدولي، وأن الولايات المتحدة الأميركية والقوى الدولية فقدت قوة الردع تجاه إيران، ما شجّع الأخيرة على الإيعاز إلى حلفائها في المنطقة بشنّ هجمات عسكرية استهدفت أبرز حليفين للولايات المتحدة الأميركية في الخليج، السعودية والإمارات. ولم تكتفِ بذلك، بل شنّت، سابقاً، هجمات مسلحة على مواقع عسكرية أميركية في العراق وسوريا، أبرزها الهجوم بالطائرات المسيّرة على قاعدة التنف العسكرية الأميركية في سوريا، في حزيران/أكتوبر 2021، من دون ردّ أميركي.

تعتقد "إسرائيل" أن الهجوم الأخير على الإمارات، وعدم مبالاة المجتمع الدولي بما حدث، وعدم اكتراث الولايات المتحدة الأميركية، ستعزز من جرأة إيران وحلفائها، ما سيؤدّي إلى شنّ مزيد من العمليات ضد الأهداف الأميركية والسعودية والإماراتية في المنطقة، وسيؤدي إلى ضعف الثقة بين دول الخليج وحلفاء أميركا في المنطقة، وسيضاعف خشيتهم من انهيار جدار الحماية الأميركي لأنظمتهم.

ترى "إسرائيل" أن الاستهداف والتهديد العسكري لدولتي الإمارات والسعودية، وعدم المبالاة الأميركية، ستدفع بها إلى دراسة خيارين متناقضين؛ الأول، العمل على مهادنة إيران والتسليم بنفوذها في المنطقة عموماً، والخليج تحديداً، ما سيؤدي إلى تراجع مسار التطبيع في المنطقة، وربما تجميد ما يسمّى "اتفاقيات أبراهام"، وسيقضم من مكانة "إسرائيل" في المنطقة، لصالح تعزيز أكبر للنفوذ الإيراني.

المسار الثاني، قيام الإمارات باتخاذ مستوى أعلى من التعاون والشراكة مع "إسرائيل"، وخصوصاً في المجال العسكري والدفاعات الجوية، ومنظومة مواجهة الطائرات المسيّرة، وتتّخذ السعودية خطوات متقدمة تمهيداً لانضمامها إلى "اتفاقيات أبراهام"، على اعتبار أن العدو المشترك لـ"إسرائيل" والسعودية والإمارات هو إيران وحلفاؤها في المنطقة، وأن رؤيتهم تجاه الموقف الأميركي من إيران أيضاً متشابهة.

تسعى "إسرائيل" للدفع باتجاه الخيار الثاني، وتعزيز الثقة وتعميق التعاون والتنسيق والشراكة مع الإمارات والسعودية، في المجالات الأمنية والاقتصادية والتكنولوجية، ومن أجل الحد من النفوذ الإيراني، ولإبقائه مستنزفاً في صراعات متعددة في المنطقة، واستخدام فزاعة التهديد الإيراني والعدو المشترك لتحييد الدول الخليجية عن القضية الفلسطينية، وإقناع الدولتين بأن التحالف مع "إسرائيل" هو الضمان لمواجهة إيران وحلفائها بعد التراجع الأميركي، وبالتالي حماية نظامَيهِما من السقوط.

تعتقد "إسرائيل" أن تهديد الطائرات المسيّرة يمثّل تحدّياً لأنظمة الدفاع الجويّ للسعودية والإمارات، لكونها تحلّق على ارتفاعات منخفضة، ويصعب التعامل معها عسكرياً، لأن الأنظمة الدفاعية للدولتين مصمّمة لاعتراض الطائرات الحربية والصواريخ الباليستية، وتسوّق "إسرائيل" نفسها على أساس أن لديها أنظمة دفاعية قادرة على مواجهة تحدّي الطائرات المسيّرة.

تعتقد "إسرائيل" أن أحد أهم العوامل التي أسهمت في تطبيع العلاقات الإسرائيلية الإماراتية، هو العامل الأمني، بهدف سعي الإمارات للحصول على الميزات العسكرية والتكنولوجية الإسرائيلية، خصوصاً في مجالَي الدفاع والاستخبارات.

تقرأ "إسرائيل" الهجوم على الإمارات من زاوية أخرى، على أساس أنه قد يمثّل تهديداً لها في المستقبل، في حال اندلعت حرب إقليمية، وتعتقد أن الطائرات المسيّرة أقلعت مسافة لا تقل عن 1500 كلم، وأظهرت قدرة عملياتية كبيرة، وهي مسافة أقل من المسافة بين اليمن وفلسطين المحتلة، ما يمثّل تهديداً على المنشآت الاستراتيجية الإسرائيلية.

اعتبرت "إسرائيل" الهجوم اليمنيّ لقوات أنصار الله على مواقع إماراتية فرصة وتهديداً في آن واحد؛ فهو من جهة قد يعزّز العلاقات مع الإمارات والسعودية، ما سينعكس على الاقتصاد الإسرائيلي، ويُكسبها شرعية أكبر في المنطقة، وسيشجّع دولاً أخرى على الانضمام إلى مسار التطبيع، ومن جهة أخرى يرسل إنذاراً لها قد يمثّل خطراً على مواقعها الحيوية، فيما لو اندلعت حرب متعددة الجبهات، ستتمكن فيها الطائرات المسيّرة من استهدافها، كما تخشى "إسرائيل" من انعكاس فتور الموقف الأميركي على تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة.

 

وسام أبو شمالة ـ الميادين

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل