ليلة بألف شهر فاغتنمها ... سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه

الأربعاء 27 نيسان , 2022 02:26 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات-إسلاميات

أوصاني شيخي قيام ليلة القدر:

ليلة القدر ليلة عظيمة، نزل بها قرآن كريم يبين عظمتها، ويحث على قيامها والتعبد فيها، فسورة القدر واضحة جلية، ولا يوجد في آياتها أي غموض، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ} سورة القدر/الآية 1-5، وجاء في تفسير القرطبي: "ليلة القدر خير من ألف شهر بين فضلها وعظمها، وفضيلة الزمان إنما تكون بكثرة ما يقع فيه من الفضائل ، وفي تلك الليلة يقسم الخير الكثير الذي لا يوجد مثله في ألف شهر"، والأحاديث التي وردت في فضلها كثيرة، ومنها:

1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).

2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ هذا الشَّهرَ قَد حضرَكُم وفيهِ ليلةٌ خيرٌ مِن ألفِ شَهْرٍ من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ ولا يُحرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ).

3- روت السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن النبي، فقالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).

4- رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ).

أما أماراتها فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وقت التماسها وأمارات طلعتها، ومنها:

1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أمارة ليلةِ القدر أنها صافيةٌ بلجةٌ، كأن فيها قمرًا ساطعًا، ساكنة ضاحيةً لا بَرْدَ فيها ولا حَرَّ، ولا يحلُّ لكوكبٍ أن يُرمى به فيها حتى يصبِحَ، وإن أمارتَها أن الشمس صبيحتَها تخرج مستويةً ليس لها شعاعٌ، مثل القمَرِ البَدرِ، لا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معها يومئذٍ).

2- رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ القَدْرِ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: أَيُّكُمْ يَذْكُرُ حِينَ طَلَعَ القَمَرُ، وَهو مِثْلُ شِقِّ).

3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .(ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سابعةٌ، أو تاسِعةٌ وعِشرِينَ، إنَّ الملائِكةَ تلْكَ الليلةَ في الأرْضِ أكثَرُ من عدَدِ الحَصَى).

4- سُئِل أبو المنذر عن علامة ليلة القدر فقال: (تطلعُ الشمسُ صبيحةَ تلك الليلةِ مثل الطَّسْتِ ليس لها شعاعٌ حتى ترتفعَ).

5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ).

6- رُوي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ).

7- رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ رجالًا مِن أصحابِ النَّبيِّ أُروا ليلةَ القدرِ في السَّبعِ الأواخرِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أروا ليلة القدر في السبع الأواخر فقال رسول اللهِ: إنِّي أرى رؤياكم قد تواطَأت على السَّبعِ فمَن كان متحرِّيَها فليتحَرَّها في السَّبعِ الأواخرِ).

8- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبْقَى، في خَامِسَةٍ تَبْقَى).

9- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هي في العَشْرِ الأواخِرِ، هي في تِسْعٍ يَمْضِينَ، أوْ في سَبْعٍ يَبْقَيْنَ يَعْنِي لَيْلَةَ القَدْرِ).

10- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ).

ليلة بألف شهر، وكم هي ساعات قليلة تحسب بألف شهر، أي أضعاف أضعاف عمرنا، أجر كبير مقابل تعبد ليلة، صلاة وقيام ودعاء وقراءة قرآن، من التاسعة مساءً وحتى الرابعة فجراً، تكون قد أديت فيها صلاة التراويح في الثلث الأول من الليل؛ لتبدأ معها مشوار الألف شهر في الثلث الثاني من الليل، راجياً من الله القبول والسداد، وهذا كله امتثالاً لقوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} سورة المزمل/الآية2-4.

أوصاني شيخي بقيام ليلة القدر؛ وذلك لما لها من فضل عظيم، وأجر كبير، قائلاً لي: "يجب على طالب العلم أن يكون له ورد يومي في الأيام العادية، فما بالك بليلة القدر؟! فالأولى قيامها كلها دون كلٍّ أو ملل"، وكان رضوان الله عليه يقوم معنا في كلية الدعوة الجامعية الليل كله، دون تعب، فرحاً سعيداً والبسمة لا تفارق وجهه البشوش، وهذا على الرغم من عمره الذي ناهز الخمسين، مهذباً نفسه ومؤدبها، نقف في صف واحد خلف الشيخ أيمن الأحمد خاشعين متذللين راجين عفو رب كريم، نصلي ما تيسر من الليل، ثمّ نقرأ شيئاً من القرآن، وبعدها نصلي صلاة التسابيح، ثمّ السحور في مبنى كلية الدعوة الجامعية للمصلين جميعاً، ويكون هذا العطاء من أهل الخير شيئاً والباقي على حساب الشيخ عبد الناصر جبري رضوان الله عليه، وهذا يكون في كل رمضان قبل وفاته رحمه الله تعالى، ولا يزال إلى وقتنا الحالي بجهود أبنائه حفظهم الله تعالى. فالنحافظ على قيام ليلة القدر، علّ الله سبحانه وتعالى يكفر عنا ذنوب بقية أشهر العام؛ ونلقاه راض عنا؛ لندخل جناة النعيم دون حساب أو عقاب.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل