ازمة الغرب , والاجوبة الروسية‎‎ ـ يونس عودة

الثلاثاء 14 حزيران , 2022 12:10 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يحتدم ​النقاش في الغرب عموما , وفي الولايات المتحدة خصوصا بضرورة استبعاد وهم امكانية هزيمة روسيا , ليس فقط على المستوى العسكري في اوكرانيا ,  ولا على مستوى اخضاعها جراء العقوبات الاقتصادية والسياسية والاعلامية ,,الخ,وبعد ان تيقن الغربيون رغم  محاولات التمويه والتضليل يان المعركة  في أوكرانيا ليست الا واحدة من جبهات حرب روسيا مع الغرب، وليس مع أوكرانيا التي تحولت حاضنة مركزية للفاشيين ,. والجبهة الرئيسية فيها هي محاولات متبادلة لزعزعة الاستقرار الداخلي الروسي , اذا تمكن الاطلسيون من اطباق الحصار على روسيا عبر ضم الدول المجاورة الى حلف شمال الاطلسي.

ان الغرب عموما وشعوب الولايات المتحدة لن يعتادوا بعد على التأقلم مع نار الاسعار الكاوية ,رغم كل محاولات الاحتواء على المستوى الرسمي ,سيما ان تلك السلطات تخسر الثقة باضطراد غير مسبوق , وبالاخص جراء التبريرات غير المقنعة للحكومات مثلما حاول  الرئيس الأميركي ، جو بايدن،القول أن ارتفاع أسعار النفط والتضخم أصبح مصدرا ثانويا متوقعا لمساعدة أوكرانيا.وأضاف أن إدارته تحاول تحقيق انخفاض بأسعار البنزين في البلاد."لكن الجوهر ينحصر في أننا سنعيش خلال وقت ما في ظروف التضخم. لكنه سينخفض بشكل تدريجي  وسنعيش في ظروفه لوقت ما".

لقد بدأت موجة وعي في الدول الغربية تتكون بالذهاب الى الاستماع الى الخبراء في الشؤون الاقتصادية والتخلي عن مواقف السلطات وشروحاتها سيما ان الازمة التي تجتاح الغرب اقتصاديا وفي التضخم ايضا سابقة للعملية الروسية في اوكرانيا وقد تكشفت اكثر مع ازمة كورونا ، فارتفع التضخم في الولايات المتحدة بشكل حاد وأصبح مشكلة منذ العام 2021. وقفز العام الماضي إلى 7٪ مقابل 1.3-2٪ في الفترة من 2010 إلى 2020. وأما حاليا، فيبلغ معدل التضخم في الولايات المتحدة 8.5٪. وفي الاتحاد الأوروبي، ارتفع التضخم أيضا العام الماضي إلى 5.3٪ مقابل 2٪ في العام 2020. أما الآن فقد وصل إلى 8٪.

يحاول الغرب تحميل روسيا مسؤولية ما صنعه بايديه كفعل امبريالي, وبحسب رئيس قسم التحليلات في AMarkets، أرتيوم دييف,فان "العقوبات الغربية ضد روسيا توجت المشاكل الاقتصادية التي خلقها الغرب. فلماذا تؤذي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نفسيهما بفرض عقوبات على روسيا تضرب اقتصاداتهما؟ فهناك، في الواقع، في قيادة الدول الغربية، أيضا اقتصاديون أذكياء يفهمون العواقب تماما"،و أن العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا والعقوبات ليست سوى ذريعة للغرب للعثور على "المذنب" في الأزمة الحتمية التي تسببوا بها، حتى لا يتم توجيه الاتهامات إليهم. بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي هما المسؤولان عن الأزمة.

بناء عليه فان الغرب يخشى الاعتراف بأن محاولة عزل روسيا بالعقوبات تضر باقتصاده.ولذلك فان  الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين ضربا  اقتصاداتهما بالعقوبات القاسية التي فرضوها على روسيا.يعملان من تحت الطاولة, لشراء المواد الروسية ومن اهمها الاسمدة كي لا تتعمق الازمة الغذائية اكثر في الدول التي تحفر لروسيا حفرا وقعت هي في شركها  , وتشجع السلطات الاميركية المنتجين المحليين لشراء الاسمدة كي لا يتراجع الانتاج الزراعي وهذا الامر سيعزز حتما قيمة الروبل , ( العملة الروسية) مقابل الدولار واليورو , وقال الخبير الأمريكي المتخصص في الشؤون المالية، أكسل دي فيرنو، إن التعزيز الإضافي للروبل سيؤدي إلى تكاليف إضافية على الغرب عند شراء موارد الطاقة الروسية.و أن "العبء الذي وقع على كاهل الغرب، الذي أجبر على قبول آلية بوتين، سيصبح أكثر إيلاما. إذا استمر الروبل في تعزيز قوته في الأشهر المقبلة، فسيتعين على الدول الغربية تحمل تكاليف إضافية لتحويل عملاتها إلى الروبل لدفع ثمن استيراد موارد طاقة لا يمكن تعويضها".

ان هذه النتائج الاقتصادية ستعكس   على الواقع الجيوسياسي الذي بدأ يتبلور عالميا ,وان حاول الغرب ان يغطي السماوات بالقبوات في اطار عدم الاقرار بالهزيمة الاتية , وفي السياق نصح عالم الاجتماع الإيطالي، أليساندرو أورسيني، بإنه يجب على الدول الغربية الموافقة على تقديم تنازلات إقليمية لصالح روسيا لتجنب مواصلة التصعيد في أوكرانيا.ويجب على الغرب التوقف عن "إظهار قوته" وإرسال الأسلحة التي "ستضرب الروس"، قائلا: "يجب علينا حاليا العمل على التسوية الدبلوماسية وكما قلت منذ البداية ومثلما قاله العديد من الآخرين، يجب علينا الموافقة على تقديم تنازلات إقليمية لموسكو وذلك لسبب بسيط وهو أنه قد تمت الموافقة عليها".

هذا الامر اكد عليه ايضا اكبر استراتيجيي الامبريالية الاميركية هنري كسينجر , باعلانه الخوف من ان تتحول روسيا الى "حصن" للصين, منتقدا الاداء حول محاولات توسيع الحلف الاطلسي والعمل على محاصرة روسيا بدل ان تحفظ مكانة روسيا فيما قال المؤرخ والفيلسوف الأميركي  نعوم تشومسكي، إن إمكانية انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي قد تشكل خطرا على روسيا يوازي خطر تكرار خطة بربروسا،( اسم العملية التي اطلقها هتلر لتدمير الاتحاد السوفياتي والسيطرة عليه) وذلك بسبب الخصوصية الجغرافية.ووفقا له، فإن جميع القادة الأميركيين يدركون جيدا أن أوكرانيا تمثل خطا أحمر لروسيا.وقال المؤرخ: "بالنظر إلى الخريطة يمكننا أن نتذكر التاريخ الحديث: عملية بارباروسا، وسيتضح أمامنا تماما لماذا لم يسمح (ميخائيل) غورباتشوف أو أي زعيم روسي آخر لأوكرانيا وجورجيا بالانضمام إلى الناتو".

اذا كان غورباتشوف وبوريس يلتسين لم يسمحا بحصول ذلك , فهل يسمح بوتين بالتفريط بروسيا وامجادها, سؤال كبير حاول الغربيون الهروب من الاجابة عليه , الا ان الاجابة الواضحة كانت في الميدان حيث الحقائق وكل الاجوبة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل