معضلتان امام الكيان: فلسطين ولبنان ‎‎ـ يونس عودة

الأربعاء 10 آب , 2022 10:39 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ربما لم يحصل في التاريخ، مشهد عالمي كالذي تمر به البشرية حاليا، حيث ان الدول الكبرى والقوى المتجبرة التي تملك أفتك الأسلحة على الأرض وفي البحر وفي الفضاء، تعمل بدأب على فرض ارادتها باعتبارها قدرا، على قوى لا تقارن بما تملك، عدديا وتسليحا، وانما تلك القوى الصغرى تتفوق بمدى شاسع عليها وتغرس المخرز في عينها، بتمسكها بالحق وإعلاء كلمته وبالكرامة الوطنية غير الملوثة بالمال والسعي المسعور الى الحضور عبر المناصب.

إن معركة الأيام الثلاثة بين حركة الجهاد الاسلامي التي ينجز خبراؤها معجزات على مستوى التصنيع الصاروخي في غزة وغيرها، رغم شبه الاستحالة في ايجاد طرق لوصول المواد الاولية من اجل التصنيع، وبين جيش الاحتلال الصهيوني بما يملك من امكانات تسليحية هي الأكثر تطورا وتفوقا ليس في المنطقة فقط، إن لديه كل دول الاسناد بما تنتج الولايات المتحدة من الات القتل والدمار الفائق، الى كل حلفاء الباطل، تلك المعركة يمكن ان يستقى منها دروس عدة.

  ان الاهداف المعلنة وغير المعلنة للعدوان الاسرائيلي، من شق الصف الفلسطيني، عبر إغراء البعض انه غير مستهدف، وانما الهدف حركة الجهاد الاسلامي بذاتها، الى ترويع قادة الجهاد ومقاتليها، الى الانتقام من الحواضن الشعبية والعمل على فصل الضفة الغربية عن غزة كمسار ومصير، كلها سقطت مع كل وجبة صاروخية اولا، وفي عملية التفاوض التي تبرع بها الجانب المصري مدعوما من الامم المتحدة واميركا ومساندة من قطر.
 
في المضمون الذي بات معروفا فإن قادة الكيان الصهيوني المؤقت، هم من عملوا لتحريك التفاوض وطلب وقف إطلاق النار بعد أن انهار حلم الترهيب من خلال اغتيال قادة ميدانيين مثل: تيسير الجعبري، وخالد منصور، لأنه وفق حسابات قادة الاحتلال، فإن اغتيال القادة سيؤدي الى فقدان القيادة والسيطرة وبالتالي تنهار القدرة على استخدام الصواريخ. وهذا ما فشل فشلا ذريعا بحيث ان إطلاق الصواريخ تعاظم يوميا بحيث أطلق أكثر من ألف صاروخ في ايام المعركة وهو أكثر بكثير مما أطلق، قياسيا، حتى في معركة "سيف القدس" في ايار السنة الماضية. وبالتالي بقيت القيادة والسيطرة سليمة، فغطت الصواريخ كل المستوطنات الصهيونية في المنطقة المتاخمة لقطاع غزة، وكذلك المدن الكبرى المحتلة في فلسطين 1948، من تل ابيب الى المدن الاخرى
 
لقد فشلت خطط الاحتلال في عزل الجهاد الاسلامي عن بقية الفصائل بما فيها حركة حماس رغم الاغراءات، والجميع كان يدرك انه سيؤكل إذا اكل الثور الابيض، وكذلك عن الحاضنة الشاملة للشعب الفلسطيني بما فيها أنصار السلطة الفلسطينية وحركة فتح تحديدا، إذ اعلنت كتائب الاقصى مشاركتها في العمليات، وكان لشعار حركة الجهاد الاسلامي "وحدة الساحات" صداه الكبير شعبيا وفصائليا ويؤكد على الوحدة الفلسطينية التي سعى قادة الاحتلال الى ضربها، والترديد ان الهدف هو انهاء حركة الجهاد.

ادرك قادة الاحتلال فشل خططهم بعد ان استنفذوا الوقت الذي راهنوا عليه في انجاز مراميهم والمصحوب بعمليات القتل المتعمد للمدنيين والتدمير للمساكن والمرافق، ولم يكن أمامهم الَّا محاولة لملمة الفشل امام الجبهة الداخلية بالإعلان على لسان قادتهم ان الاستمرار بالقتل والتدمير سيكون مؤذيا أكثر، وبالتالي لا بد من وقف اطلاق النار، سيما ان تململ الشعب العربي في العديد من الاقطار بات على استعداد للانتفاض، حتى بوجه الانظمة الخانعة - الحليفة لإسرائيل، والتي لم يصدر عن اي منها موقف، ولو استنكار شكلي كما كان يحدث في السابق، على عيون الجماهير.

أدرك قادة الاحتلال ان هناك خطة فلسطينية حددتها غرفة العمليات المشتركة تعتمد توزيع المهام والالتحاق بالجبهة، وهو ما حصل بالتدريج، عندما شاركت فصائل اخرى مثل الوية الناصر صلاح الدين، وكتائب أبو علي مصطفي واخرون، وان مشاركة كتائب عز الدين القسام باتت على أهبة المشاركة مع الادراك التام بانه يترتب على حماس أن تفعل شيئا لأنه لا يمكن أن تتفرج إلى ما لا نهاية على استهداف نقاط للمقاومة في إطار جبهة المقاومة المشتركة".


لم تنته الجولة كما اشتهى قادة الاحتلال الذين يعيشون مآزق التنافس الحكومي واقتراب انتخابات الكنيست، وربما لجأوا الى خداع الوسيط المصري للمرة الثانية في اسبوع، بحيث أخلوا بوعد بإطلاق سراح الاسيرين، الشيخ تيسير السعدي، وخليل العواودة، وبات الوسيط المصري أمام الحائط بعد ان قدم تعهدا مكتوبا بذلك، ما يؤشر الى ان جولة جديدة من الصراع ستكون أشد.

ان الكيان الصهيوني المؤقت امام معضلتين حقيقيتين، الاولى في فلسطين حيث انه مضطر ان يعلن هزيمته بإطلاق سراح الأسيرين، مع الفشل في فصل الضفة عن غزة وكذلك القدس، أو يذهب الى الحرب وهو بات يدرك نتائجها مسبقا مع ظروف دولية غير مؤاتية، اما المعضلة الثانية فهي مع لبنان، سيما مع صدور امر عمليات واضح من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لكل المجاهدين ليكونوا جاهزين لكل الاحتمالات، اي بلغة واضحة، ، ذخروا راجماتكم، وكونوا على اهبة الاستعداد، وكل مهمته حسب الخطط الموضوعة، بانتظار الاجوبة التي يحملها الوسيط غير النزيه وغير المحايد عاموس هوكشتاين ليبني على الشيء مقتضاه مع الاصرار على القرار السيادي والتطلع للبنان القوي، والقادر على استخراج ثروته، ولن نسمح لاحد ان يمس ثروتنا، وسنقطع اليد التي تمتد اليها، ثروتنا خط احمر.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل