أيها الموارنة كونوا ... مسيحيين ـ نبيه البرجي

الأحد 18 أيلول , 2022 10:59 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

لندع جانباً الافتراق السني ـ الشيعي , وقد حوّله بعض كبار الفقهاء , والساسة , الى افتراق ايديولوجي , وبين لحظة وأخرى الى افتراق دموي اذا ما كان ذلك يخدم المصالح الذاتية للعروش , والمصالح الجيوسياسية للدول!

  هذا لنسأل لماذا يفترض بالأحزاب المسيحية أن تكون مارونية , بقيادات مارونية ؟ ذات مرة , تمكن الأرمني كريم بقرادوني من أن يترأس حزب الكتائب الذي تأسس ليكون الدرع (والذراع) الحديدية للموارنة . بالطبع كان ذلك استثناء أراده غازي كنعان , مبديا اعجابه بحنكة "الأستاذ كريم" في اللعب داخل الجدران وحتى داخل الثقوب ..

   الكاثوليكي ايلي كرامي كان "بدل ضايع" ريثما تنتهي ولاية أمين الجميل , ويعود الموقع الى الأسرة المالكة .

  ذات يوم كانت ظاهرة الأرثوذكسي أنطون سعادة , بالرؤية العبقرية التي زعزعت كل السيناريوات . والخرائط , التي وضعت للمنطقة منذ ظهور "المسألة الشرقية" في بدايات القرن التاسع عشر . كان التخلص منه بتلك الطريقة التراجيدية , وبتواطؤ متعدد الأطراف .

   الحزب الشيوعي بدا , في وقت من الأوقات , لكأنه حزب أرثوذكسي , وان كان الشيعي حسين مروة الذي اغتيل بسبب دماغه الفذ , قد فاق بثقافته , وبطريقة تحليله للبنية الفلسفية والايديولوجية للماركسية , كبار المنظرين في الغرب , وحتى السوفياتي ميخائيل سوسلوف ...

  هناك الأرمن , بأحزابهم الثلاثة (الطاشناق والهنشاك والرمغفار) . بعضهم توزع بين حزب الكتائب (جوزف شادر وكريم بقرادوني) , وحزب "القوات" (ريشار قيومجيان) والحزب الشيوعي (أرتين مادايان) . 

  الطائفة الدرزية , وبعد الثنائية الجنبلاطية ـ اليزبكية , توزعت بين ثلاثة أحزاب ( التقدمي الاشتراكي , الديمقراطي اللبناني , التوحيد العربي) , بوجود اختلال هائل بين قاعدة الاشتراكي وقاعدة الحزبين الآخرين .

   واذا كانت "القوات اللبنانية" قد نشأت بحركة , أو بانقلاب , داخل حزب الكتائب من صغير العائلة بشير الجميّل , فقد تحولت على يد سمير جعجع من حالة ميليشياوية بالكامل الى حالة حزبية , وان على شكل "قوة صدم" تتقن , الى أبعد مدى , التأجيج السياسي , والتأجيج الطائفي , وحتى التأجيج العسكري .

  هذا ليتمحور حزب الكتائب , أو ما تبقى منه , حول شخصية سامي الجميّل , بالدوران داخل الحلقة المفرغة ...

     نتوقف عند ظاهرة الجنرال , على أنه الصدى البونابرتي , لا الصدى الدونكيشوتي , لدى الطائفة . بدا على شكل تسونامي يمكن أن يحدث تغييراً بنيوياً داخل النظام الذي تستشري فيه ثقافة الفساد , وثقافة الزبائنية , ناهيك عن غلبة منطق المافيا على منطق الدولة .

   التسونامي تجسد , سياسياً , في التيار الوطني الحر بشعار الاصلاح والتغيير . خصومه يشيعون , علناً أنه آيل الى الانقراض على يد الصهر جبران باسيل , مثلما انقرض حزب الكتلة الوطنيةعلى يد الحفيد كارلوس ادة .

   باسيل الذي أخفق في وراثة رئاسة الجمهورية , يخطط للعودة الى الشارع (الخندق لجعجع) . أي شارع , وقد انخرط التيار الذي يعاني من "نخبوية الأنوف المرفوعة" في لعبة الزبائنية التي اجهزت على الشعارات , وعلى الرهانات , من هنا نصيحة بعض "الحكماء" : اذا أراد الجنرال أن يبقى التيار على قيد الحياة فلينقل رئاسته من جبران باسيل الى الياس بوصعب . 

  بو صعب , بالشخصية العقلانية , البعيدة عن البهلوانيات السياسية والطائفية , والذي يحظى باحترام أهل الداخل وأهل الخارج (بالدرجة الأولى البعيد عن ثقافة المافيا) , هو من يحتاج اليه المسيحيون ليعودوا الى دورهم الطليعي في مسار الحداثة والتحديث ...

   ارثوذكسي لرئاسة حزب ماروني . من أطرف ما تناهى الينا أن على الموارنة أن يكونوا مسيحيين لا موارنة فقط.

  اذ نقف على عتبة احتمالات كبرى , لن يكون لبنان الآخر دون طبقة سياسية أخرى . ولكن ... 

  لنتذكر قول ديزموند ستيوارت ان اللبنانيين , ومنذ الاستقلال , ارتضوا أن يكون مصيرهم بيد الآخرين .

  فات الكاتب , والمؤرخ , الانكليزي أن دورنا تحويل لبنان الى حطام , ثم وضعه في سوق الأمم . من يشتري هذا الحطام ؟!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل