أزمة نتانياهو: بندقية نحو الضفة وغصن زيتون نحو لبنان أمين أبوراشد

الثلاثاء 08 تشرين الثاني , 2022 01:26 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

قد يكون أصدق تقييم لنتائج إنتخابات الكنيست الصهيوني، أن فوز أحزاب اليمين المتطرف بالأغلبية، يعكس الهاجس الأمني الداخلي بين المستوطنين، على خلفية ما يحصل في الضفة الغربية، وأن الخبرة التي تُميّز نتانياهو عن يائير لابيد في المواجهة مع المقاومة الفلسطينية خاصة في قطاع غزة، هي التي رفعت من أسهم حزب الليكود ومعه الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة، وسوف تكون هذه الأحزاب، ذخيرة بندقية العدوان لقمع الضفة الغربية كي لا تتمدد الإنتفاضة الحالية إلى قطاع غزة الجاهز دائماً للإشتعال.

نتانياهو أمام أزمة ثلاثية الأبعاد تحكم أجواء تشكيل حكومته، وحزب الليكود الذي حصد 32 مقعداً، يواجه طلبات توزير عالية السقف من الأحزاب الحليفة التي تقاسمت معه الفوز: 18 مقعداً لحزبيّ "يهودوت هتوراه" و "شاس"، و14 مقعداً لتحالف "الصهيونية الدينية..

البعد الأول في أزمة نتانياهو، أن رؤوس الأحزاب اليمينية الشريكة في الفوز، يُطالبون بوزارات حساسة مثل الخارجية والداخلية والدفاع والمالية، ولا يستطيع نتانياهو لجم تطرُّفهم عند توليتهم مواقع المسؤولية، لأنه بذلك يستفزّ الداخل الفلسطيني، وقد يؤدي وصولهم الى أي من الوزارات الحساسة -خاصة الأمنية منها- الى تأجيج تصعيدي مع هذا الداخل..

البعد الثاني، أن نتانياهو لا يرغب أيضاً أن يستفزّ الخارج الإقليمي والدولي، لأن الظروف الإقتصادية العالمية خاصة تلك الناتجة عن أزمة الطاقة المترافقة مع الحرب الروسية الأوكرانية، لن تتقبل يميناً مُضافاً لليمين الأوروبي في الشرق الأوسط، مع استياء روسي من وقوف "إسرائيل" الى جانب أوكرانيا، وهذه الظروف سوف تحكُم نتانياهو في هندسة تشكيل حكومة منضبطة قدر الإمكان، لكبح جماح اليمين العنصري الحليف له، حتى ولو أشرك القائمة العربية في استشارات التشكيل أو أغرى خصمه يائير لابيد بمقعد وزاري.
وفي هذا السياق، اعترف شلومو فيشر من "معهد سياسة الشعب اليهودي في القدس"، لوكالة "فرانس برس"، أن نتنياهو يدرك أن دفع شخصيات يمينية إلى مناصب رئيسية قد يُضِرّ بعلاقاته مع الخارج.

أما البعد الثالث، هو الطامة الكبرى في أزمة نتانياهو، الذي بالغ كثيراً خلال الحملة الإنتخابية في استعراض القوة الكلامية ضد خصومه وعلى رأسهم لابيد، واعتباره أن توقيع اتفاق الترسيم هو خضوع لحزب الله لا بل خوف من السيد نصرالله، لكنه بعد فوزه في الإنتخابات وعودته الى رئاسة الحكومة، سيجد نفسه قسراً وغصباً وقهراً، يرمي بندقية العنتريات جانباً، ويحمل مجبراً غصن زيتون نحو لبنان، إذا ما قرر استفادة كيانه من حقل كاريش وسواه من الحقول، التي تطالها بكل بساطة صواريخ ومسيَّرات المقاومة عند أي حماقة قد ترتكبها حكومته بموضوع التنصُّل من أي حرف من إتفاق الترسيم مع لبنان، وليس هناك مَن هو أخبر من نتانياهو بالقدرات الموجِعة التي تمتلكها المقاومة، خاصة أن السيد نصرالله قد اعتبر غاز ونفط لبنان بمقام الخبز للشعب اللبناني، والصواريخ التي تُطعم خبزاً كما وصَّفها السيد نصرالله، لن ترحم مَن يمس بلقمةٍ واحدة من أفواه الشعب اللبناني في زمن الجوع العالمي..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل