إيران في المواجهة .. الاسباب والغايات ـ يونس عودة

الأربعاء 09 تشرين الثاني , 2022 09:54 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يبدو أن الأزمات التي تجتاح العالم من أقصاه الى أقصاه , لا مرسى قريب لها , ما لم تحدد العديد من الدول , ولا سيما الفاعلة منها , اقتصاديا وبشريا ,خيارات تصب في مصلحة شعوبها , رغم إصرار الدول ذات الأبعاد والتطلعات الاستعمارية على ممارسة اقصى الضغوط على تلك الدول, والتلاعب بثقافة شعوبها عبر غرف سوداء متطورة الى اقصى الحدود .

إن ما يحدث في إيران - الجمهورية التي اكتشفت مبكراً أعداءها , ومراميهم الخبيثة , ليس معزولاً عن سلسلة المواجهات التي تخوضها الجمهورية الإسلامية منذ انتصار ثورة شعبها عام 1979, لكن هذه المرة بمميزات قوة اقتدارية فاقمت من قلق الدول التي فشلت في تطويع ايران دولة وشعبا, وقوة عسكرية مهابة، ولجأت الدول الخبيثة بسياساتها القذرة الى أسلحتها في التعمية على الحقائق المحركة ,وليست ذريعة حقوق الإنسان , والديمقراطية والحرية ,إلا واجهة الأكاذيب الغربية للتأثير على المجتمعات , بينما التدقيق في الوقائع يكشف دفائن يشيب لها الأطفال.

واحدة من هذه الدفائن التي يحاول الغرب العمل عليها ,وقد جرى تنفيذه , كان التسجيل الصوتي لمراسلة "بي بي سي" باللغة الفارسية رعنا رحيم‌ بور. وفيه أكدت أن الهدف من وراء أعمال الشغب وتأجيج الأوضاع هو تفكيك وتقسيم إيران وزرع الشقاق بين أطيافها وليس الديمقراطية., وهي اعترفت لاحقا بعد نشر التسجيل , بكل بساطة بصحة ما ورد فيه , وان المحطة التي تعمل فيها " تلقت أوامرا بإجراء مقابلات مع قادة الأحزاب الانفصالية فقط لدى تغطيتهم للأوضاع. بقصد تأجيجها , معتبرة ان ما سمعته مقلق جدا.

أليس غريباً أن تقول المراسلة أن ما سمعته مقلق جداً , وتقصد كيف حصلت محطة إيرانية على التسجيل , أي انفضاح علاقتها بأجهزة توجيه استخباراتية غربية ,ولا ترى أنه بموازاة الجريمة الأخلاقية التي ترتكبها أجهزة الاعلام الغربي توجه الأجهزة نفسها لارتكاب المجازر في المساجد – بيوت الله -كما حصل في شيراز , ولا يتحرك ضميرها امام هول الجريمة التي ذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى أمام المحراب .

إن تكامل الأدوار في عملية ضرب استقرار إيران وهو هدف مزمن ومؤرق لدى الولايات المتحدة خصوصاً, لم يعد ضمن الأداء السري، وما تجنيد الأقمار الصناعية لتأمين التواصل مع الخلايا المتحركة على الأرض إلا واحداً من الدلائل الفاضحة لأصابع الاخطبوط .

لقد تم اعتقال جميع المتورطين من الجواسيس الذين جندهم الغرب لتنفيذ عملية شيراز الإرهابية، والإعداد لعمليات إرهابية أخرى، بما في ذلك عملية في زاهدان جنوب شرق البلاد وذلك "في عملية استخبارية تعتبر من أوسع العمليات لوزارة الأمن وأكثرها تعقيدا، وأدت سلسلة التحقيقات والعمليات التي تم تنفيذها منذ الهجوم في شيراز وحتى الآن إلى تحديد واعتقال جميع العناصر المتورطة بهذا الحادث ومن عمل على توجيه وتنفيذ ودعم العمل الإرهابي"، مبينة أنه "تم اعتقال عدد آخر من العناصر التي دخلت البلاد لتنفيذ عمليات مماثلة، ليصل عدد المعتقلين إلى 26 إرهابيا". وتبين أن "جميع المعتقلين غير إيرانيين وهم رعايا من جمهورية أذربيجان وطاجيكستان وأفغانستان"، موضحة أن "العنصر الرئيس لتوجيه وتنسيق العملية من رعايا جمهورية أذربيجان ودخلوا البلاد عبر الحدود الجوية في مطار طهران الدولي. وأعلن وصوله لرابط تنسيق العملية في أذربيجان كما ارتبط بعناصر من "داعش" من خلال رابط العمليات للتنظيم الذي يتواجد في أفغانستان.

طبعا , لقد وجهت الأجهزة الأمنية الإيرانية , صفعة مؤلمة للمخططين باعتقالها الإرهابيين , والغريب أن الاحتجاجات المتحركة في إيران ليس لها زعيم. او قيادة تماما كإدارة "الثورات الملونة "المصنعة غربياً, وبالتالي من غير المستغرب بشكل واضح في المقاطعات الإيرانية، التي يقطنها الأكراد والأذربيجانيون. مع بروباغندا غير مسبوقة من الأكاذيب بينما الوضع في إيران وفي المنطقة يتفاعل أكثر وأكثر، وخصوصاً بين إيران وروسيا. وهنا يمكن ادراج الاتهامات الأوكرانية – الإسرائيلية لإيران تزويد روسيا بمسيرات فاعلة في العمليات العسكرية , وذلك بدفع أميركي واضح , وبريطاني أوقح , بموازاة الضغط على الأوروبيين لفرض عقوبات على ايران التي افشلت بحجتها الوطنية الانصياع لمرامي الغربيين في ما عرف بالملف النووي , وكذلك رفض التجاوب في طعن روسيا , بمسألة تأمين البديل من النفط والغاز الروسي .والانخراط في الحرب الاقتصادية على الصديق الروسي ,في وقت بدأت وبعمق ,العقوبات تصيب بشكل متزايد المستهلكين الأوروبيين، ما يتسبب في استياء كبير بين مواطني أوروبا.الامر الذي اضطر شرائح أوروبية واسعة إلى رفع الصوت ضد العقوبات سواء على روسيا , أو إيران.

إن التوتر المتنامي في العالم لا يحتاج الى التفسير بان السبب الرئيسي فيه , المحاولات المستمرة للتحالف الغربي الأميركي ذات الابعاد الاستعمارية , مع حل مشاكل تنميته على حساب الدول الرافضة دخول المدار الغربي , وهو الامر الذي "يتناقض" مع مصالح معظم الدول التي تبدي الاهتمام بتشكيل عالم متعدد الأقطاب مع ديمقراطية حقيقة للعلاقات لدولية" وتقرير الدول مصيرها وتموضعها بنفسها والحفاظ على القيم الإنسانية والبشرية .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل