الغرب ـ الاميركي يتنقل بفتنه من أوكرانيا الى الشرق الأوسط ـ يونس عودة

الثلاثاء 22 تشرين الثاني , 2022 08:55 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

‎ في موازاة اليقين الغربي بزعامة الولايات المتحدة, إن هزيمة روسيا باتت من المستحيلات عبر البوابة الأوكرانية، وأن ارتدادات ما يجري هناك لن تتمكن, لا واشنطن ولا كل حلفائها من انقاذ الوضع خصوصا مع ارتفاع الأصوات, داخل المنظومة الغربية, بان كفى, مقرونة بالدعوات الى ضرورة العودة للمفاوضات مع روسيا، اتجهت العقول الشريرة مجددا الى منطقة الشرق الأوسط ,في محاولة جديدة للسيطرة على الثروات النفطية، بالقوة، وبعد ان فشلت واشنطن بالتحديد من اقتياد (أوبك +) الى رغباتها لتعويض النقص الهائل من الإمدادات لأوروبا من روسيا, وقد تناثرت الوعود الأميركية مع الرياح القارصة قبل ان تصل الى تلك البلاد.

لقد أكد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أن نتيجة النزاع في أوكرانيا ستكون أحد العوامل التي ستحدد الوضع الأمني العالمي في القرن الحادي والعشرين، بمعنى اخر كأنه يقول أي عالم سيكون، عالم متعدد الأقطاب، أو خاضع بكليته لقوى الشر وعلى رأسها الولايات المتحدة؟ لكن الضابط الأمريكي المتقاعد دوغلاس ماكغريغور، يحاول تصوير الأمر بواقعية أكثر أمام الأميركيين الذين سئموا من دعم وكرانيا بمئات مليارات الدولارات، وأعلن كخبير حجم خسارة الجيش الأوكراني التي تجاوزت أكثر من 100 ألف جندي ومئات آلاف الجرحى وقال: أن القوات الأوكرانية "تلفظ أنفاسها الأخيرة" وتنتظر ضربة قاصمة "تسحقها" وأكد أنه لا يمكن إخافة روسيا أو "إجبارها على الخضوع".

من هذا الواقع تحضر إيران التي طالما كانت, ولا تزال, تشكل العقدة المركزية في المنطقة، أمام سياسات واشنطن صاحبة الغرائز الشيطانية, وهي راكمت على مدى السنين بغزواتها الثقافية, المركونة الى قوة التهديد, منظومات مشوهة في قبول تشويهاتها الاستراتيجية بالإذعان من ضمن التلاعب بالحكام وبالشعوب أيضاً.

في هذا السياق أعلن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا أن قوة مخصصة للأنظمة غير المأهولة في الخليج ستنشر أكثر من 100 سفينة مسيرة في مياه المنطقة الاستراتيجية فوق سطح (البحر) وتحته غير مأهولة بحلول العام المقبل وقال كوريلا من المنامة حيث ، مقر الأسطول الخامس الأميركي، أنه بالإضافة إلى السفن غير المأهولة، فإن الولايات المتحدة "تبني برنامجا تجريبيا هنا في الشرق الأوسط للتغلب على الطائرات من دون طيار مع شركائنا"، لكنه اقر بانه "مع تقدم تكنولوجيا الطائرات من دون طيار، فقد يكون (تطوير) أعدائنا للطائرات المسيرة أكبر تهديد تكنولوجي للأمن الإقليمي"، وفي الجلسة ذاتها، في المنامة التي بات حكامها يسبحون باسم اتفاقات ابراهام الصهيونية, وصف مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا، إيران بأنها "التهديد الأمني الأبرز لإسرائيل".

لم يكن كوريلا, بحاجة الى اعلان حولاتا بانه يقصد إيران التي تعد صناعة المسيرات فيها من الأفضل في العالم إن لم تكن الأفضل, ودورها النوعي خلال العمليات، وقد ذاق الاميركيون بعضا من مرارتها أكثر من مرة في مياه الخليج , وبوجود الغواصة النووية "يو أس أس وست فيرجينيا المحملة بصواريخ باليستية في بحر العرب، حيث وصلت قبل شهر الى هناك وزارها كوريلا برفقة قائد الأسطول الخامس الأدميرال براد كوپر، حيث اطلعا على قدرات الغواصة التي تعمل تحت إشراف القيادة الاستراتيجية الأميركية من قاعدة "أوفوت" في ولاية نيبراسكا والتي تعتبر أقوى الغواصات الأميركية، وقال كوريلاحينها : "هذه الغواصات هي جوهرة التاج للثالوث النووي، وتكشف عن المرونة والقدرة على البقاء والاستعداد وعن قدرات القوات الأمريكية في البحر.."

طبعاً, أقدمت الولايات المتحدة بالتوازي على محاولة إخفاء الغاية الشيطانية من خطوة نشر تلك الغواصات, من خلال إشعار دول المنطقة انهم مهددون من إيران , وفي الإطار نفسه ومن المؤتمر نفسه الذي تحدث فيه كوريلا وحولاتا، اكتمل المشهد والسيناريو ,مع الإعلان الوقح على لسان منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك، إن القوات الأميركية "كشفت وردعت تهديدات وشيكة" من جانب إيران. وكرر أن "إيران كانت تستعد لشن هجوم على السعودية.. ومن المرجح أن هذا الهجوم لم يحدث بسبب التعاون الأمني الوثيق بين السعودية والولايات المتحدة، وهو أمر متواصل"، وصرح بأن بلاده تركز على ردع "التهديدات الوشيكة" في المنطقة الاستراتيجية الغنية بموارد الطاقة.

اذاً: الطاقة, هي المحور الذي يدور حوله الاميركيون، وإيران هي العائق امام السيطرة عليه في المنطقة, وليس هناك قدرة لإخضاعها, بالإضافة الى تنامي قوتها الحامية والرادعة, وقد أعلن قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري في إيران العميد أمير علي حاجي زاده أن الكثير من إنجازات إيران الدفاعية ستظهر في يوم الحادث (ساعة المواجهة) إذا لزم الأمر، مثل ضرب العدو على مسافة 1050 كلم. وإن الصاروخ فرط الصوتي الذي أعلن عنه أخيرا إنجاز تحقق منذ وقت بعيد. وإن العدو لن يتمكن من الوصول إلى مواجهة هذا الصاروخ لعشرات السنين بات أمراً لا يقبل الشك او الجدل بأن إيران توسعت في مجال الدفاع الصاروخي والطائرات المسيرة، وهو ما يعرفه الاميركيون وكذلك في مجالات عسكرية نوعية أخرى.

من هذا الواقع, يفهم الاميركيون ان انخراطهم بمعركة مباشرة مع إيران, ستكون نتائجها، ليست في صالحهم, لذلك يعملون على تأليب دول الجوار ضد إيران كعادتهم, ليكونوا بمنأى عن الخسائر المباشرة, إضافة الى العمل من داخل إيران والاستثمار في هز الاستقرار الداخلي, ولعل زيادة منسوب التحرك الإسرائيلي - الأميركي العدواني بمضمونه المستعر ضد إيران في هذه الآونة, ناجم عن فهم إبعاد الفشل مما جرى افتعاله داخل إيران في الاسابيع الماضية ,وعليه ارتفع الضغط , لا بل تكشفت فصول جديدة عبر الإعلان عن محادثة بين وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس مع وزير الدفاع الأذربيجاني العقيد الجنرال ذاكر حسنوف تناولت العلاقات العسكرية بين تل أبيب وباكو على مر السنين, بعد قرار أذربيجان بفتح سفارة في إسرائيل".

طبعاً لا تشكل المحادثات مفاجأة لأحد, فلطالما كانت أذربيجان أرضية ناشطة لعمليات الموساد ضد إيران, وهي أمور معلومة لدى الجميع , وطالما حرصت إيران على حفظ الود والجيرة والأصول مع أذربيجان , ليس فقط لأن الدين فقط يجمعهما ,ولا لان هناك مواطنون إيرانيون اذريون , بل لان العلاقة منذ فجر التاريخ , لكن السوسة الأميركية – الاسرائيلية زرعت في عقل ساسة أذربيجان ان لإيران نوايا بمهاجمة أراضي جمهورية أذربيجان أو السيطرة على هذا البلد, وقد علق المستشار الأعلى لقائد الثورة الإسلامية في الشؤون الخارجية علي أكبر ولايتي، لدرء الفتنة التي اعدت للبلدين بالقول : "يجب الإعلان بصوت عال أن كل أذري إيراني وكل إيراني أذري. حتى لو كان ذلك الأذري والإيراني خارج إيران ويحمل جواز سفر آخر"، ولم يكن لدى إيران أبداً أطماع تجاه الدول المجاورة، بل على العكس من ذلك، فكرت دائماً في وجود علاقة جيدة وتقديم المساعدة". و"أؤكد بفخر أنني، مثل باقي الإيرانيين أعتبر نفسي أذريا، أنا من سكان جبال البرز، لكن كل مكان في إيران هو بيتي".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل