تخوفات في تونس من عودة القبلية وترشح الفاسدين في البرلمان الجديد

السبت 26 تشرين الثاني , 2022 09:09 توقيت بيروت عــربـي

الثبات ـ عربي

انطلقت الحملة الانتخابية التشريعية في تونس، استعداداً لانتخاب أعضاء البرلمان الجديد، وسط تحذيرات بعض السياسيين والمجتمع المدني من ترشح "بعض الفاسدين" وعودة القبلية إلى الانتخابات والبرلمان.

وتستمر الحملة الانتخابية ثلاثة أسابيع قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول.

وسيتنافس 1052 مرشحاً في 151 دائرة انتخابية بالداخل، موزعة على 24 ولاية، وثلاثة مرشحين فقط في الخارج، بينما بقيت 7 دوائر بالخارج دون مرشحين.

فيما حذرت منظمات وأحزاب من الثغرات التي شابت المرسوم الانتخابي الذي سنه الرئيس سعيّد بمفرده في منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، الذي فتح المجال أمام المال السياسي المقنّع، وبعض أصحاب النفوذ والوجهاء للترشح بسبب إلغائه التمويل العمومي للحملات الانتخابية.

وأكد رئيس حزب الراية الوطنية الوزير السابق مبروك كرشيد، أن "المعايير الانتخابية المعتمدة ليست موضوعية، ففي السابق كانت الأحزاب هي التي ترشح عموماً وتتحمل مسؤوليتها في الترشيح، أي أنه كان هناك فلتر سياسي ومصفاة اسمها الأحزاب، وكذلك رؤساء القوائم المستقلة كان لديهم اعتبار ورمزية لاختيار القائمة، والآن لم يعد هناك هذا الغربال والفلتر أو الحاجز للاختيار".

وشدد كورشيد على أن "غياب هذا الأمر اليوم أدى لأن يصبح أي شخص لديه طموح يكفي أن يكون لديه مال فاسد ويريد حصانة برلمانية، فيجمع 400 تزكية وبوسعه أن يقوم بضخ أموال وشراء الذمم للصعود للبرلمان".

وأكد كورشيد أن "قائمة الترشحات تتضمن أسماء مشبوهة، وسيؤدي ذلك إلى وجود من لا يشرفون تونس ضمن البرلمان القادم"، مشيراً إلى أن "من بينهم تجار مخدرات وتجار خمر ومن لديهم شبهات ومهربون"، على حد تعبيره.

ولفت رئيس حزب الراية الوطنية إلى أن "هذا توجه خاطئ وغير سليم وستكون نتائجه كارثية على تشتت البرلمان وتشرذمه".

وقال كورشيد: "لم نختلف مع رئيس الجمهورية في توصيفه السابق في وجود ديكتاتورية الأحزاب وتأثيرها السيئ في البرلمان، وقد شاهدنا ولاءات حزبية، ولكن البديل الذي طرحه الرئيس لم يحل المشكلة بل عقدها".

ويعيد المرسوم الانتخابي جدل القبلية والفئوية بسبب نظام الاقتراع على الأفراد بدل القوائم الحزبية، كما أنه يفرض توزيعا جديدا للدوائر الانتخابية، التي بدورها تجعل المرشحين مرتبطين بمناطق محددة جغرافياً.

وأكد عضو المكتب التنفيذي لشبكة "مراقبون" المختصة في مراقبة الانتخابات سيف الدين العبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "النظام الانتخابي يفسح المجال للعروشية والقبلية ولصعود أصحاب المال والنفوذ في البرلمان القادم، عبر أمرين بالأساس، أولاً بسبب تقسيم الدوائر الانتخابية التي تخضع لمنطق غير مفهوم، حيث يجمع في بعض الدوائر أكثر من معتمدية، ويصل حتى خمس معتمديات، ما يجعل الاقتراع والتصويت لا على البرامج بقدر ما سيكون اقتراعاً على أشخاص ينتمون لقبيلة أو عرش بعينه، أو حتى عائلة أو مدينة أو فئة"، مفسراً ذلك بأن "الناس سينتخبون من يمثلهم دموياً أو قبلياً أو جغرافياً".

وبين المتحدث أن "القانون الانتخابي ألغى التمويل العمومي القبْلي والبَعْدي للمترشحين، كما أن الأحزاب لا يمكنها أيضاً تمويل مرشحيها بشكل مباشر وشفاف ونزيه كما يفرض القانون، وهو ما يفتح الباب أمام من يمتلكون إمكانيات مالية ومادية كبيرة لتمويل حملتهم الانتخابية".

وبين العبيدي أن "البرلمان القادم سيكون برلماناً ذكورياً حسب الترشحات المقدمة، حيث لا تتجاوز نسبة ترشح النساء 12%، وهذه النسبة ستتقلص، لأن الانتخابات ليست ترشحاً فقط"، لافتاً إلى أن "شروط الترشح صعّبت على المترشحات والمترشحين العملية لعدم تمكنهم من جمع التزكيات، نصفها من النساء وربعها من الرجال".

وتابع المتحدث: "لن نرى في البرلمان القادم حاملي إعاقة ولا شباب لا يستطيعون تمويل حملة انتخابية، ولا أحزاب سياسية، لاعتبار غالبيتها مقاطعة، وحتى من لم يقاطعوا، فلا يمكنهم تمويل مرشحيهم بشكل مباشر".

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد حذّر بدوره من المال السياسي الفاسد ومن خطورة صعود المهربين والمحتكرين والمضاربين على الحياة السياسية.

وفي آخر لقاءاته برئيسة الحكومة وقبلها مع وزير الداخلية، أشار سعيّد إلى أن "المرسوم المتعلق بالانتخابات ينصّ على عقوبات جزائية، سواء بالنسبة إلى الراشي أو إلى المرتشي، ويجب الانتباه إلى ما يُدبر له البعض عن طريق المال الفاسد لشراء الذمم"، على حد قوله.

وكانت حركة النهضة قد أصدرت، مساء الخميس، بياناً عن مكتبها التنفيذي، اعتبرت فيه أن "ما يسمى بالانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر/ كانون الأول القادم، مظهر من مظاهر ‏الأزمة، وجزء منها، ولا يمكن أن تكون جزءًا من الحل، لأنها ستعمق الأزمة السياسية بالبلاد والحكم الفردي المطلق، كتعميقها لعزلة تونس وتحديات الفقر والبطالة واهتراء القدرة الشرائية للتونسيين".

وشدّدت الحركة على أنّها قاطعت "مع الغالبية الساحقة من الأطراف السياسية، وخاصة الجدية منها، هذه الانتخابات التشريعية التي يتعامل معها المواطنون بلامبالاة كاملة".

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل